الطرق ، فلا مجال له مع العلم بالواقع سواء أصابه أم أخطأه. نعم ، في باب المنازعات يجب التسليم لحكمه ظاهرا على المترافعين حسما لمادّة النزاع كما هو واضح.
وكذلك لا مجال للعمل به إذا علم بتقصير الحاكم في مقدّمات حكمه ، لسقوطه بالتقصير عن أهليّة الحكم ، ولقول الصادق عليهالسلام في المقبولة : «فإذا حكم بحكمنا.» إذ ليس المراد به العلم بكون حكمه حكمهم عليهمالسلام وإلّا كان وجوب القبول لذلك لا لأنّه حكمه. بل المراد كون حكمه على أساس حكمهم وموازينه بأن يستند إلى الكتاب والسنّة الصحيحة في قبال من يستند إلى الأقيسة والاستحسانات الظنيّة فلا يصدق ذلك على من قصّر في مبادي حكمه ، بل من غفل عنها ولو كان عن قصور ، فتدبّر.
الفرع الرابع :
الفرق بين فتوى المجتهد وحكم الحاكم
أنّ فتوى المجتهد حجة في حقّه وحقّ مقلّديه دون سائر المجتهدين. وأما حكمه في الهلال ونحوه على فرض حجيّته فلا ينحصر في حقّ مقلّديه بل يعمّ المجتهدين أيضا إذا أذعنوا باجتهاده وجامعيّته لشرائط الحكم وعدم تقصيره في مباديه.
وكذلك حكمه في المرافعات ولو كانت الشبهة حكميّة مختلفا فيها بين الفقهاء كما إذا اختلفا في منجّزات المريض مثلا وأنّها من الأصل أو من الثلث فترافعا إليه فحكم بالأصل مثلا فيكون حكمه نافذا حتّى في حقّ من يرى أنّها من الثلث ، إذ حسم النزاع يقتضي وجوب الأخذ بحكم الحاكم للمترافعين وإن خالف نظر أحدهما اجتهادا أو تقليدا.
وبالجملة فحكم الحاكم نافذ حتّى في حقّ سائر المجتهدين إذ الإمام عليهالسلام حكم في التوقيع الشريف بكونهم حجّة له عليهالسلام ، ومن الواضح أنّه لا يجوز لأحد مخالفة حجّة الإمام عليهالسلام.
ولدلالة المقبولة على وجوب قبوله وحرمة ردّه وأنّ ردّه ردّهم عليهمالسلام ، وإطلاقه يشمل المجتهد أيضا. ومورد المقبولة هو الشبهة الحكميّة او الأعمّ ، كما لا يخفى على من راجعها.
ولا ينتقض هذا بالفتوى ، فإنّ الفتوى ليس إنشاء لحكم بل هو إخبار عمّا فهمه من الكتاب والسنّة فلا يكون حجّة في حقّ من يقدر على الاستنباط منهما ، فتدبّر.