حقيقة الشياع وأدلة حجيّته وحدودها
إذا عرفت ذلك فنقول : يقع البحث هنا في أمور :
الأوّل : في تعريف الاستفاضة وبيان حقيقتها.
الثاني : في أدلّة حجيّتها.
الثالث : في أنّه هل تكون حجّة مطلقا او بشرط حصول العلم او بشرط حصول الظن.
أما الأوّل : ففي المسالك : «هي إخبار جماعة لا يجمعهم داعية التواطي عادة يحصل بقولهم العلم بمضمون خبرهم.» (١)
أقول : سيأتي البحث حول كلامه ـ قدسسره ـ.
والظاهر أن مقصودهم بالاستفاضة والشياع ليس مجرد جريان المضمون على الألسن والأفواه كما ربّما نراه في الشائعات الاجتماعية التي لا أساس لها ويتداولها الألسن لمصالح سياسيّة بلا تصديق لمضمونها.
بل المقصود شيوع الحكم والتصديق بالنسبة الحكميّة من قبل المخبرين كتصديقهم بأنّ زيدا ابن لعمرو او أنّ الأرض ملك لزيد او وقف على المسجد مثلا ونحو ذلك.
الأمر الثاني : في أدلة حجيّتها فنقول : قد استدلّوا لذلك بوجوه :
الدليل الأوّل ونقده
الأوّل : أنّ هذا السنخ من الأمور ممّا يتعذّر أو يتعسّر غالبا إقامة البيّنة عليها.
قال في المسالك في وجه تخصيص المصنّف اعتبار الاستفاضة بالسبعة المذكورة :
«ووجه تخصيصها من بين الحقوق أنّها أمور ممتدّة ولا مدخل للبيّنة فيها غالبا :
فالنسب غاية الممكن فيه رؤية الولادة على فراش الإنسان لكن النسب إلى
__________________
(١) المسالك ، ج ٢ ، ص ٣٥٤.