هذه الإرادة كافية في بعث العبد نحو المقدمات ولا يحتاج إلى إرادة بعث آخر نحوها ...»
أقول : لا يخفى أن تسمية اشتياق المولى صدور الفعل عن عبده بتوسيط إرادته بالإرادة لا تخلو عن مسامحة ؛ لما هو المحقق في محله من الفرق البيّن بين الشوق «وأن كان مؤكدا» وبين الإرادة ؛ فإن الإرادة حالة إجماعية للنفس لا تنفك من الفعل أبدا ، بخلاف الشوق المؤكد فإنه مع كمال تأكده قد ينفك منه الفعل لوجود بعض الموانع. وما ينقدح في نفس المولى بالنسبة إلى فعل العبد هو الشوق المؤكد ثم إرادة البعث دون إرادة الفعل ، وإنما تنقدح إرادة الفعل في نفس الفاعل ، وهي العلة لصدور الفعل عنه دون الشوق المؤكد المنقدح في نفسه أو نفس المولى ، فإنه قد ينفك منه الفعل ؛ وانفكاك المعلول من العلة محال. وما قد يتعلق بأمر استقبالي فيظن كونه إرادة فإنما هو مصداق للشوق المؤكد والمحبة لا الإرادة ، إذ الإرادة إنما هي الحالة المستعقبة للفعل بلا فصل بينهما ، وعليك بالتأمل التام ، حتى لا يختلط عليك الأمر ، وتميز بين المحبة والشوق وبين الإرادة. وليعلم أيضا أنه من الاشتباهات الجارية على الألسنة جعل الكراهة في قبال الإرادة ، مع أنها في قبال الشوق والمحبة. (١)
المقدمة الموصلة
«نقد ما استدلّ به على وجوب المقدمة الموصلة التي تتصور على وجهين :
الأوّل : أن يكون المتعلق للوجوب ذات ما يوجد من المقدمات في الخارج مصداقا للموصل لا بوصف الموصلية ، بمعنى أن الشارع مثلا رأى أن المقدمات التي تحصل في الخارج على قسمين : بعض منها مما توصل إلى ذيها ويترتب هو عليها واقعا ، وبعض منها مما لا توصل ، فخصّ الوجوب بالقسم الأوّل ، أعني ما يكون بالحمل الشائع مصداقا للموصل ، فعلى هذا
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ٢٠٢.