ولم يعهد من العقلاء تشكيل مجمع تقنيني لجعل أمارات تعبّدية وأصول عقلائية يتعبّدون بها ولو مع عدم حصول العلم والوثوق.
وليس معنى الأخذ بطريق العقلاء أنّ كلّ واحد منهم يقلّد غيره من العقلاء تعبّدا بل المقصود أنّ كلّ واحد منهم يأخذ بما يحكم به عقله ودركه فتدبّر.
الدليل الرابع لحجيّة الشياع
الوجه الرابع : مرسلة يونس التي رواها المشايخ الثلاثة : ففي الكافي : عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن البيّنة إذا أقيمت على الحقّ أيحلّ للقاضي أن يقضي بقول البيّنة إذا لم يعرفهم من غير مسألة؟ قال : فقال : «خمسة أشياء يجب على الناس أن يأخذوا بها ظاهر الحكم : الولايات والتناكح والمواريث والذبائح والشهادات ، فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه.» (١)
ورواها الشيخ أيضا في موضعين من التهذيب وفي الإستبصار وفيه وفي موضع من التهذيب «أن يأخذوا بها بظاهر الحال.» (٢)
ورواها الصدوق أيضا في الفقيه وفي الخصال وفيهما : «بظاهر الحكم» وذكر في الفقيه بدل المواريث : «الأنساب» وراجع الوسائل أيضا. (٣)
وتقريب الاستدلال بها أنّ المراد بظاهر الحكم هو الحكم الظاهر بين الناس أعني النسبة الحكميّة الشائعة عندهم كقولهم مثلا : هذا هاشمي ، أو هذا ملك لزيد أو وقف على المسجد ونحو ذلك.
وأوضح من ذلك في الدلالة على الشياع ظاهر الحال المذكور في الإستبصار وموضع من
__________________
(١) الكافي ، ج ٧ ، ص ٤٣١ ، باب النوادر من كتاب القضاء والأحكام ، الحديث ١٥.
(٢) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٨٣ و٢٨٨ ، كتاب القضايا والأحكام ، باب البيّنات ، الحديث ١٨٦ ، وباب الزيادات ... ، الحديث ٥ ؛ والإستبصار ، ج ٣ ، ص ١٣ ، الباب ١ من كتاب الشهادات ، الحديث ٣.
(٣) الفقيه ، ج ٣ ، ص ٩ (ـ طبعة اخرى ، ج ٣ ، ص ١٦) ، الباب ١١ من أبواب القضايا والأحكام ، الحديث ١ ؛ الخصال ، ص ٣١١ ، باب الخمسة ، الحديث ٨٨ ؛ والوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٢ ، الباب ٢٢ من أبواب كيفيّة الحكم ... ، الحديث ١.