عن جهل بالمسألة وأما إذا أنكر أحد كون مضروب الاثنين في نفسه أربعة فلا يحمل إنكاره طبعا على كونه عن جهل بعد كون المسألة بديهية يعرفها كل أحد وهذا لا ينافي كونه عن جهل إذا صدر ممن يحتمل في حقه ذلك.
وكيف كان فليس لإنكار الضروري موضوعية في إيجاب الكفر بل إنكار كل حكم إذا رجع الى إنكار الرسالة صار سببا للكفر وإلّا فلا.
ولا يخفى أن إنكار الألوهية والتوحيد والرسالة موجب للكفر ولو كان عن جهل وقصور فان العذر والقصور وعدم العذاب أمر ، والإسلام والاعتقاد به أمر آخر ، فالمنكر لهذه الأصول أو لواحد منها ليس مسلما وإن كان قاصرا معذورا ولا محالة لا عقاب عليه عقلا فتدبر. (١)
الاستدلال للمسألة بالأخبار ونقده
بقي الكلام في الأخبار التي ربما يتوهم دلالتها على المسألة فلنتعرض لها إجمالا :
فالأول : ما رواه في أصول الكافي صحيحا إلى عبد الرحيم القصير قال : كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليهالسلام أسأله عن الإيمان ما هو؟ فكتب إليّ مع عبد الملك بن أعين : «سألت ـ رحمك الله ـ عن الإيمان ، والإيمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل
__________________
(١) ومال الاستاذ ـ دام ظلّه ـ اخيرا الى أن انكار اصل او فرع ضرورى من الدين اذا كان عن جهل وقصور بأن لم يكن ذلك الأصل او الفرع ضروريا عند المنكر لا يوجب الكفر والارتداد. وقال في توضيحه : الكفر هو ستر أمر واضح وبيّن ، فلذا يقال للزارع الكافر لستره البذر تحت التراب. فمن تيقّن بحقيّة الدين وأصوله وفروعه وأنكره جحدا كان كافرا لكونه ساترا لأمر بيّن عنده ، فهو مصداق لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ). (محمّد / ٢٥)
واما من لم يتيقّن بعد بحقيّة الدين اصولا وفروعا وكان في حال التحقيق والتفكر فلا يكون كافرا لعدم كونه ساترا لشيء بيّن ، نعم مثل هذا لا يكون مؤمنا أيضا.
وقال أيضا الكفر والايمان ليسا أمرين قلبيّين فإن الأمور القلبيّة كاليقين ونحوه ليست اختيارية فلا يصح العقاب والثواب عليهما مع أن الإيمان والكفر (بحسب الآيات والروايات) موجبان للثواب والعقاب ، بل الكفر والايمان من مقولة الالتزام والتعهد العمليّين ، فالايمان هو الالتزام العملى بلوازم العقائد الدينية والكفر هو الإنكار وعدم الالتزام العملى بها. (الاستفتاءات ، المجلد الثاني ، المسألة ٢٥٠٦) (اللجنة)