الثلاثة الأخر وأظهرها الأخير فيختص الكفر بالمنكر مع العلم ولا أقل من بقاء الترديد وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال فلا دلالة في الحديث على كون عنوان الضروري موجبا للكفر فتدبر.
هذا ، وتشبيهه عليهالسلام الإسلام والإيمان بالحرم والكعبة أولا من جهة كون النسبة بينهما بالعموم والخصوص وثانيا من جهة ان الكعبة مما يعرفها كل أحد ، بخلاف الحرم والمسجد فالإهانة لها لا محالة تقع عن علم وعمد ولكن لو فرض لأحد شبهة في ذلك فأحدث فيها عن شبهة فهل يضرب عنقه؟ لا يمكن الالتزام بذلك ويشهد لهذا موثقة سماعة حيث ورد فيها : «لو أن رجلا دخل الكعبة فافلت منه بوله أخرج من الكعبة ولم يخرج من الحرم فغسّل ثوبه وتطهر ، ثم لم يمنع أن يدخل الكعبة ، ولو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا أخرج من الكعبة ومن الحرم وضربت عنقه» (١). فحكم القتل مرتب على البول عنادا لا مطلقا.
الفائدة الثالثة :
للكفر مراتب ومعاني
الحديث الثاني : خبر أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
«قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام من شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مؤمنا؟ قال : فأين فرائض الله ، قال : وسمعته يقول : كان علي عليهالسلام يقول : لو كان الإيمان كلاما لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام. قال : وقلت لأبي جعفر عليهالسلام : ان عندنا قوما يقولون : إذا شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو مؤمن؟ قال : فلم يضربون الحدود؟ ولم تقطع أيديهم؟! وما خلق الله ـ عزوجل ـ خلقا أكرم على الله ـ عزوجل ـ من المؤمن ، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين وأن جوار الله للمؤمنين وأن الجنة للمؤمنين وأن الحور العين للمؤمنين ، ثمّ قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافرا؟» (٢).
أقول : أولا أن الجحد كما عرفت هو الإنكار عن علم لا مطلقا وثانيا ليس في الحديث اسم من الضروري والمحتملات فيه أربعة كما عرفت في الحديث الأوّل والكلام الكلام وثالثا
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٢٨ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب أن الإسلام قبل الإيمان.
(٢) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٣ ، كتاب الإيمان والكفر.