والجواب أولا أن المسؤول عنه حيثية الشرك لا الكفر وثانيا أن لازم الحديث باطلاقه كفاية إنكار كل حكم للحكم بالشرك ضروريا كان أم لا عن علم او عن جهل تقصيرا او قصورا ولا يقول به أحد فيجب أن يحمل على الإنكار عن علم أو على كون الشرك ذا مراتب وليست كل مرتبة منه موجبة للكفر بالاصطلاح الفقهي فتدبر.
هل مرتكب الكبيرة كافر؟
الحديث التاسع : موثقة مسعدة بن صدقة قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول :
«الكبائر : القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله والأمن من مكر الله وقتل النفس التي حرّم الله وعقوق الوالدين وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا بعد البينة والتعرّب بعد الهجرة وقذف المحصنة والفرار من الزحف ، فقيل له : أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها ، أتخرجه من الايمان ، وان عذب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين أوله انقطاع؟
قال : يخرج من الإسلام إذا زعم انها حلال ولذلك يعذّب أشدّ العذاب وإن كان معترفا بأنها كبيرة وهي عليه حرام وأنه يعذب عليها وأنها غير حلال ، فانه معذّب عليها وهو أهون عذابا من الأوّل ويخرجه من الإيمان ولا يخرجه من الإسلام» (١).
والرواية صريحة في أن مرتكب الكبيرة مع الاعتراف بها لا يكون كافرا فيجب أن يحمل ما دلّ على كفر العاصي او مرتكب الكبيرة على إرادة بعض مراتب الكفر غير المضرة بإسلام الشخص ، وحيث إن مورد هذا الفرض أعني فرض الاعتراف هو صورة علم الشخص بكونها كبيرة يكون مورد الفرض الأوّل أعني صورة زعم الحلية وإنكار الحرمة أيضا صورة العلم فيرجع إنكاره إلى إنكار الرسالة قهرا.
وقد يتوهم أن إسناد الفعل إلى الفاعل المختار ظاهر في التفات الفاعل إلى العنوان الذي ينطبق على هذا الفعل ويكون موضوعا للحكم في لسان الدليل فاذا قلنا : «فلان ارتكب كبيرة» يكون ظاهرا في ارتكابه لها ملتفتا إلى كونها كبيرة وإذا قلنا : «فلان شرب خمرا» يكون ظاهرا في شربه له ملتفتا إلى كونه خمرا.
وفيه أن الإسناد وإن دلّ على وقوع الفعل عن الفاعل عن علم واختيار في مقابل الفاعل
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٢٨٠ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الكبائر.