وجهان آخران للإشكال في المسألة ونقدهما
فهذه الوجوه الخمسة التي ذكرها في الحدائق. ويضاف إلى ذلك وجهان آخران :
الأوّل : استهجان خطاب الكافر بالله وبرسوله بالفروع الجزئية.
وفيه ما عرفت آنفا من عدم كون الخطاب متوجها إلى خصوص الكافر او المسلم بل الأحكام مجعولة بنحو القضية الحقيقة على العناوين الكلية الواجدة للمصالح او المفاسد المقتضية لها.
الثاني : أنه تكليف بغير المقدور والقدرة من الشرائط العامة للتكاليف. بيان ذلك أنه ستجيء فتواهم بعدم صحة الزكاة ونحوها من العبادات من الكافر وسقوطها منه بعد إسلامه فتكليفه بالزكاة تكليف بما لا يقدر على امتثاله لا في حال كفره ولا بعد إسلامه.
وفيه أن كفره وقع بسوء اختياره فلو لم يختر الكفر اولا كان قادرا على إتيان الزكاة ونحوها والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ولا يرفع العقوبة ولذا نقول بوقوع الحركات الخروجية في الدار المغصوبة مبغوضة ومعاقبا عليها وان اضطر إليها.
نعم يقبح البعث والزجر الفعلي ولكن ملاك الحكم وآثاره من العقوبة ونحوها باقية بعد ما كان قادرا عليه من أول الأمر والقدرة المشترطة في التكليف وان كانت هي القدرة حين العمل ولكن يجب تحصيلها ولو قبل العمل.
هذا مضافا إلى صحة جعل الحكم الوضعي من الجنابة والطهارة وشركة الفقراء في المال فيكون المجعول في المقام تعلق الزكاة وفائدته جواز أخذ الإمام او نائبه قهرا عليه.
وكيف كان فالأقوى في المسألة هو ما اختاره المشهور من عموم الأحكام للكفار أيضا بمعنى عدم أخذ قيد الإسلام في موضوعاتها لعموم ملاكاتها المقتضية لها وإن كان إجرائها خارجا والعمل بها متوقفا على الإسلام ، فالإسلام شرط للواجب لا الوجوب على إشكال في ذلك أيضا كما سيأتي آنفا.
تتمة : أجاب في الحدائق عن الآيات التي ذكرناها بحمل قوله : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) على المخالفين لا الكفار فيكون المعنى لم نك من اتباع الأئمة كما في تفسير عليّ بن ابراهيم فيكون