نعم ، ما ذكره من عدم إمكان توجّه التكليف إلى المجموع من حيث المجموع قابل للخدشة ، إذ الظاهر أنّ الواجبات الاجتماعيّة والحدود الإلهية كلّها وضعت على عاتق المجتمع بنحو العام المجموعي ، غاية الأمر أنّ المتصدي لامتثالها هو قيّم المجتمع وممثله ، أعني الإمام والحاكم كما فصّلنا في بعض المباحث السابقة.
ولكن الظاهر أنّ الواجبات الكفائيّة ليست من هذا القبيل ، فتأمل. إذ من الممكن إرجاع الواجبات الاجتماعيّة أيضا إلى الكفائيّة ، وإن كان الواجب مباشرة الإمام وعمّاله لتنفيذها.
فالواجب على الأمّة كفاية هو تحصيل الحكومة وتأييدها ومساعدتها ، والواجب على الحاكم تنفيذ الواجبات الاجتماعيّة كإجراء الحدود ونحوها ، فتدبّر. (١)
الفائدة الثالثة عشرة :
الأمر بالشيء والنهي عن ضده
«يبحث عن أن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده؟
وأن نفس التضاد لا يوجب مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الآخر ، أو مقدمية وجود أحدهما لعدم الآخر ، بل يوجب استحالة اجتماعهما في موضوع واحد فقط من دون تمانع بينهما من جهة الضدية.
... نعم يمكن أن يكون وجود العلة التامة لأحد الضدين مانعا عن وجود الآخر ، كما إذا كان هنا شيء واحد فأراد رجل سكونه والآخر تحريكه ، فتأمل.»
ولا يتوهم أن عدم أحدهما عند وجود العلة التامة للآخر يكون مستندا إلى وجود الآخر ، لا إلى وجود علته ؛ ضرورة بطلان ذلك من جهة أنه يكفي في هذا العدم وجود العلة للضد الآخر ، سواء وجد نفس الضد أم لم يوجد ، بأن صارت علته مزاحمة بعلة الآخر وكانتا متكافئتين.» (٢)
__________________
(١) ولاية الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٢٢ إلى ٢٢٤.
(٢) نهاية الاصول ، ص ٢١١.