الفائدة الرابعة عشرة :
الأمر بالضدين بنحو الترتب
«يبحث عن تصوير الأمر بالضدين بنحو الترتب ؛ وأن وجود البعثين المتعلق كل واحد منهما بواحد من الضدين في عرض واحد محال ، وأما وجودهما لا في عرض واحد ، بل في رتبة عصيان الأمر المتعلق بأحدهما فلا استحالة فيه لعدم المزاحمة في مقام التأثير ؛ وهذا مثل الأمر بالأهم مطلقا والأمر بالمهم في رتبة عصيان الأهم وعدم تأثيره في نفس المكلف ... فالأمر بالأهم رتبته قبل العصيان والأمر بالمهم رتبته متأخرة عنه لكونه موضوعا له ورتبة الحكم متأخرة عن رتبة الموضوع بالضرورة وحينئذ فلا توجد بينهما مزاحمة اصلا ، كما هو واضح لا سترة عليه.» (١)
ليس المصحح للأمر بالمهم في ظرف عصيان الأهم ما ذكروه من إختلاف الرتبة ؛ فإن الأمر بالأهم وإن لم يكن له إطلاق لحاظي بالنسبة إلى حال عصيانه (كما لا إطلاق له بالنسبة إلى حال إطاعته) لكن الإطلاق الذاتي موجود بمعنى أن الأمر بالأهم موجود للمكلف ، سواء كان مطيعا أو عاصيا في متن الواقع ، بداهة عدم تعقل الإهمال الثبوتي ، كيف! ولو كان ما ذكروه من إختلاف الرتبة كافيا في تصحيح الأمر بالمهم «مشروطا بعصيان الأهم» لكان اللازم جواز الأمر بالمهم مشروطا باطاعة الأهم أيضا ؛ ضرورة اشتراك العصيان والإطاعة في أن الأمر ليس له إطلاق لحاظي بالنسبة إليهما ، وله إطلاق ذاتي بالنسبة إلى كليهما.
فإن قلت : الأمر ثابت للمكلف بما هو إنسان اجتمعت فيه شرائط التكليف لا بما هو مطيع أو عاص أو بما هو مطيع وعاص ، وبعبارة اخرى : الأمر وإن كان ثابتا للمكلف ، سواء كان مطيعا أو عاصيا ، لكنه ليس بما هو مطيع أو عاص ، وحينئذ فليس للأمر بالنسبة إلى عنواني الإطاعة والعصيان إطلاق ولا تقييد.
قلت : ليس معنى إطلاق الحكم بالنسبة إلى عنوان ، سراية الحكم إلى هذا العنوان ، بحيث
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ٢٢١.