يصير هذا العنوان جزءا لموضوع الحكم ، وإلّا فلا نجد نحن مثالا للمطلق ، ضرورة أن قوله : «أعتق رقبة» مثلا من أمثلة المطلقات من جهة إطلاق الرقبة بالنسبة إلى المؤمنة والكافرة ، مع أنه ليس معنى الإطلاق فيها أن عنوان الكفر أو الإيمان له دخالة في الحكم ، بحيث تصير المؤمنة بما هي مؤمنة ، أو الكافرة بما هي كافرة موضوعا للحكم ، بل معنى الإطلاق فيها هو أن الرقبة بما هي رقبة تمام الموضوع ، ولازم ذلك سريان الحكم بسريانه الذاتي ، وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث المطلق والمقيد.
وبالجملة : ليس الملاك في تصحيح الأمر بالمهم ما ذكروه من إختلاف الرتبة ، بل الملاك فيه هو وجود الأمرين بنحو لا يتزاحمان في مقام التأثير ، وبيان ذلك هو ما ذكره سيدنا العلامة الأستاذ الأكبر ـ مد ظلّه العالي ـ وقد صرح بما ذكرنا هو ـ مد ظلّه ـ في مبحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.
بيان آخر للترتب
ثم إن الأنسب أن نعيد ما ذكره ـ مد ظلّه ـ في تصحيح الترتب ببيان آخر لعلك تطّلع على ما هو الحق ، فنقول :
لا إشكال في أن التكليف بالمحال بنفسه محال ، فإن التكليف الحقيقي إنما يصدر عن المولى بداعي انبعاث المكلف وتحركه نحو متعلقه ، فإذا كان المتعلق أمرا محالا لا يتمكن المكلف من إيجاده فكيف ينقدح في نفس المولى الملتفت إرادة البعث والتحريك نحوه ، والمراد من التكليف بالمحال هو أن يكون المتعلق للتكليف أمرا يستحيل صدوره عن المكلف ، وذلك مثل أن يأمر المولى عبده بالطيران إلى السماء ، بلا وسيلة ، أو بالجمع بين الضدين مثلا ، هذا إذا كان نفس ما تعلق به التكليف من المحالات.
وأما إذا كان لنا أمران مستقلان تعلق أحدهما بأحد الضدين والاخر بالضد الآخر مع عدم سعة الزمان المقدر لهما إلّا لأحدهما ، فصدور هذين التكليفين عن المولى أيضا من المحالات ، ولكن لا من جهة لزوم التكليف بالمحال ، إذ المتعلق لكل واحد من التكليفين أمر ممكن ، والجمع بين المتعلقين وإن كان محالا ، لكن التكليف لم يتعلق به ، ومجموع التكليفين ليس