ثمّ اعلم : أنّه حين إنشاء المعاملة يفرض هنا أمور :
الأوّل : السبب أعني القول أو الفعل الصادر بقصد الإنشاء.
الثاني : المسبّب المنشأ في عالم الاعتبار بنحو الجدّ.
الثالث : اعتبار العقلاء والشرع لما اعتبره المتعاملان وأنشئاه.
الرابع : الآثار المترتبة خارجا من تسليم العوضين والتصرّف فيهما على أساس ما اعتبراه.
الخامس : قصد تحقّق المسبّب وقصد ترتّب الآثار المتحقّق في قلب المتعاقدين.
فما هو موضوع الحرمة التكليفيّة من بين هذه الأمور الخمسة؟ في المسألة أقوال :
القول الأوّل : أن يكون الموضوع لها حقيقة المعاملة ، أعني النقل والانتقال الجدّي بقصد ترتّب الآثار المحرّمة عليها.
وبعبارة اخرى : المحرّم هو المسبّب ولكن مقيّدا بقصد ترتّب الآثار المحرّمة عليه. وهو الظاهر من كلام المصنّف.
أقول : النقل والانتقال في كلام المصنّف يحتمل بدوا أن يراد بهما إنشاء النقل والانتقال ، وأن يراد بهما حقيقة النقل والانتقال الاعتبارية المتحقّقة بالإنشاء والقصد الجدّي ، وأن يراد بهما النقل والانتقال الخارجيان أعني الإقباض والقبض.
ولكن الظاهر منه إرادة الثاني ، فيكون الحرام عنده تكليفا هو العقد المسبّبي أعني حقيقة النقل والانتقال الجديّة الاعتباريّة مقيّدة بقصد ترتيب الآثار المحرّمة عليها ، وعلّل ذلك أخيرا بقوله : «لأنّ ظاهر أدلّة تحريم بيع مثل الخمر منصرف ...» يعني أنّه لو قصد الآثار المحلّلة لم تحرم المعاملة تكليفا بالحرمة الذاتيّة وإن كانت فاسدة بحسب الوضع فتحرم حينئذ إن أتي بها تشريعا. فلو باع الخمر لا بقصد الشرب بل بقصد التخليل أو التطيين بها مثلا أو بنحو الإطلاق لم يشمله دليل حرمة بيعها وإن حرم من باب التشريع.
نقد كلام الشيخ في المسألة
ويرد على ما ذكره أوّلا : ما أورده في مصباح الفقاهة ومحصّله :
«أن تقييد دليل حرمة البيع بالقصد المذكور لا موجب له بعد إطلاق الدليل.