«أنّ ظاهر الرواية التحريم بعنوان الإعانة ، وعنوان الإعانة لا ينطبق على الإنشاء الساذج ، بل الإعانة حاصلة بالتسليط والإقباض للمبيع سواء أنشأ بيعها أم لم ينشأ ، وكأنّ توصيف البيع بالإعانة لأجل ملازمتها العرفيّة للإقباض فيكون التحريم ملحقا أوّلا وبالذات بالتسليط وثانيا وبالعرض بالبيع.» (١)
تقسيم آخر لتعلق النهي بالمعاملات
وناقشه في مصباح الفقاهة ومحصّلها :
«أنّ تقييد موضوع الحرمة بالتسليم والتسلّم إنّما يتمّ في الجملة لا في جميع البيوع المحرّمة. وتحقيقه : أنّ النواهي المتعلّقة بالمعاملات على ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يكون النهي عنها بلحاظ انطباق عنوان محرّم عليها كالنهي عن بيع السلاح لأعداء الدين عند حربهم مع المسلمين. فإنّه لانطباق عنوان تقوية الكفر عليه ، ولذا يجوز بيع السلاح لهم إذا لم يفض إلى تقويتهم عليهم ، وحرم نقل السلاح إليهم بغير البيع أيضا كالهبة والإجارة والعارية إذا أفضى إلى ذلك.
ومن هنا يتّضح أن بين عنوان بيع السّلاح منهم وبين تقوية الكفر والإعانة عليه عموما من وجه.
الثاني : أن يتوجه النهي إلى المعاملة من جهة تعلقها بشيء مبغوض ذاتا كالنهي عن بيع الخمر والخنزير والصليب والصنم.
الثالث : أن يكون النهي عنها باعتبار ذات المعاملة لا المتعلّق كالنهي عن البيع وقت النداء إلى الجمعة والنهي عن بيع المصحف والمسلم من الكافر بناء على حرمة بيعهما منه.
إذا عرفت ذلك ظهر أنّ تقييد موضوع حرمة البيع بالتسليم والتسلّم إنّما يتمّ في القسم الأوّل فقط ، إذ المحرّم فيه في الحقيقة هو تسليم المبيع لا أصل البيع. وأمّا في الثاني والثالث فلا بدّ من الأخذ بإطلاق أدلّة التحريم. نعم لو كان دليلنا على
__________________
(١) نفس المصدر ، ص ٣.