معنى حرمة المعاملة وضعا
ما ذكرناه كان في بيان معنى حرمة المعاملة تكليفا. وأمّا حرمتها وضعا فيراد بها بطلانها وعدم ترتّب الأثر عليها.
ولا فرق عندنا وكذا عند العامّة غير الحنفيّة بين البطلان والفساد ؛ فكلّ باطل فاسد وبالعكس. وأمّا الحنفية ففرّقوا بينهما :
قال في متن الفقه على المذاهب الأربعة :
«الفاسد والباطل بمعنى واحد في عقود البيع ، فكلّ فاسد باطل وبالعكس وهو ما اختلّ فيه شيء من الشروط والأركان التي سبق ذكرها. والبيوع الفاسدة كلّها محرّمة فيجب على الناس اجتنابها وهي كثيرة.»
وعلّق على ذلك ما ملخّصه :
«الحنفية قالوا : إنّ الباطل والفاسد في البيع مختلفان ، فالباطل هو ما اختلّ ركنه أو محلّه. وركن العقد : الإيجاب والقبول ، فإذا اختلّ الركن كأن صدر من مجنون أو صبي لا يعقل كان البيع باطلا غير منعقد. وكذلك إذ اختلّ المحلّ وهو المبيع كأن كان ميتة أو دما أو خنزيرا.
وأمّا الفاسد فهو ما اختلّ فيه غير الركن والمحلّ كما إذا وقع خلل في الثمن بأن كان خمرا ، فإذا اشترى سلعة يصحّ بيعها وجعل ثمنها خمرا انعقد البيع فاسدا ينفذ بقبض المبيع ولكن على المشتري أن يدفع قيمته غير الخمر لأنّ الخمر لا يصلح ثمنا. وكذلك إذا وقع الخلل فيه من جهة كونه غير مقدور التسليم أو من جهة اشتراط شرط لا يقتضيه العقد ، فإن البيع في كلّ هذه الأحوال يكون فاسدا لا باطلا ...» (١)
أقول : ظاهر عبارة الماتن أنّ جميع المعاملات الباطلة تكون محرّمة عندهم بحسب التكليف. ولكن لا دليل على هذا التعميم. والظاهر أنّ محطّ نظر القدماء من أصحابنا في باب
__________________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة ، ج ٢ ، ص ٢٢٤ ، كتاب البيع ، مبحث البيع الفاسد.