المعاملات المحرّمة بيان بطلانها وفسادها لا الحرمة التكليفيّة وإن عبّروا عن ذلك بلفظ الحرمة تبعا لما ورد في بعض الأخبار. (١)
الفائدة الثالثة :
النهي عن المعاملة هل يدل على فسادها او صحتها؟
«هل النهي عن المعاملة يدل على فسادها وبطلانها او يدلّ على صحّتها كما قيل؟ ويبحث عن ملاحظة النسبة بين العنوان المنهي عنه وعنوان العقد ، وما إذا تعلق النهي بنفس المعامله او بعنوان آخر ، وعن تزاحم الدليلين وتعارضهما وعن اجتماع الأمر والنهي ، وعدم الخلط بين متعلقات الأحكام وموضوعاتها.» (٢)
توضيح الكلام أنّ النهي تارة يتعلق بنفس عنوان المعامله كقوله عليهالسلام : «لا تبع الحنطة بالشعير إلّا يدا بيد.» (٣) واخرى بعنوان آخر ربما ينطبق أحيانا على المعاملة كالإعانة على الإثم في المقام ـ بناء على حرمتها ـ ، حيث إنّ بينها وبين عنوان البيع مثلا بحسب المورد عموما من وجه كما لا يخفى. ولعلّ من هذا القبيل أيضا النهي عن البيع وقت النداء إلى الجمعة ، إذ النهي وإن تعلق بالبيع صورة لكنه لا بما أنّه بيع ومعاملة خاصّة ، بل بما أنه عمل شاغل عن الجمعة ، فكأنّه قال : «ذروا ما يزاحم الجمعة من الأعمال» مضافا إلى أنّه نهي تبعي وقع تأكيدا لقوله ـ تعالى ـ (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ). (٤)
أمّا في القسم الأوّل فإن كان ظاهرا في الإرشاد إلى الفساد ـ كما هو الظاهر غالبا ـ فهو ، وأمّا إن فرض دلالته على حرمة المتعلق تكليفا فهل تقتضي حرمته الفساد ـ كما قيل ـ أو الصحة ـ كما عن أبي حنيفة وتلميذه محمد بن الحسن الشيباني ـ أو لا تقتضي شيئا منهما وإنّما
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ١ ، ص ١٥٩ إلى ١٧٠.
(٢) نفس المصدر ، ج ٢ ، ص ٣٧٣.
(٣) الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٤٣٩ ، الباب ٨ من أبواب الربا ، الحديث ٨.
(٤) سورة الجمعة (٦٢) ، الآية ٩.