يعرف الفساد أو الصحة من الخارج؟ في المسألة وجوه.
ربما يقال باقتضائها الفساد ، إما لأنّ صحة المعاملات تكون بإمضاء الشارع لها وحكمه بوجوب الوفاء بها ، ومن المستبعد جدّا اعتبار الشارع وإمضاؤه لما يكون حراما ومبغوضا له ، وإمّا لأنّ المهمّ عند الشارع والعقلاء في باب المعاملات الآثار العملية المترتبة عليها ، لا نفس الأسباب بما هي ألفاظ ، ولا نفس المسبّبات الاعتبارية كالملكية الاعتبارية المنشأة مثلا. وعلى هذا فالنهي عنها في الحقيقة نهي عن ترتيب الآثار المترقبة منها عليها ، ومقتضى ذلك فسادها ، إذ لا معني لصحة المعاملة واعتبار المسبّب مع حرمة ترتيب الآثار عليها ، فتدبّر.
الاستدلال على دلالة النهي على الصحة ونقده
وأمّا القائل باقتضائها الصحة فربّما يستدلّ له بأنّ الظاهر من النهي المتعلق بها وحرمتها حرمة المسببات أو التسبّب بالأسباب إليها ، ومقتضى ذلك صحتها ووقوعها باعتبارها ، إذ متعلق التكليف يجب أن يكون مقدورا للمكلّف. وعلى فرض فسادها وعدم وقوعها قهرا عليه لا تكون مقدورة. نعم لو تعلقت الحرمة بنفس الأسباب لم تقتض الصحة ولا الفساد. هذا.
والأولى أن يقال ـ كما مرّت الإشارة إليه ـ إنّ النهي في هذه الموارد ظاهر في الإرشاد إلى المانعية والفساد ، بتقريب أنّ المتبادر من الأوامر والنواهي الواردة من الشارع الحكيم المتعلقة بالعبادات المركبة المخترعة أو بالمعاملات بنحو خاصّ وكيفية خاصّة ، كونها للإرشاد إلى جزئية الشيء الخاصّ أو شرطيّته أو مانعيته ، وليست بصدد بيان الحكم التكليفي ، وهذا نظير أمر المتخصّص في الأدوية والمعاجين بجعل شيء خاصّ في معجون خاصّ أو نهيه عن جعله فيه ، حيث إنّ المتبادر من الأمر في مثله كون متعلق الأمر جزأ أو شرطا ، ومن النهي كونه مانعا ومضرا ، فلا وجه لحمل النهي على الحرمة التكليفية حتى يبحث عن اقتضائها الفساد أم لا.
هذا كلّه في القسم الأوّل أعني فيما إذا كان النهي متعلقا بنفس عنوان المعاملة.
وأمّا القسم الثاني أعني ما إذا تعلق النهي بعنوان آخر ربما ينطبق أحيانا على المعاملة كالإعانة على الإثم في المقام فقد يقال : إنّ النهي لم يتعلق بنفس المعاملة بنحو خاصّ حتى