يتبادر منه الإرشاد إلى المانعية والفساد ـ على ما مرّ بيانه ـ بل تعلّق بعنوان آخر غيرها ، وظهوره في حرمة المتعلق وإن كان لا ينكر لكن المفروض كون المحرّم غير عنوان المعاملة. وانطباقه عليها أحيانا لا يوجب سراية الحرمة منه إليها حتى تقتضي فسادها ـ على ما مرّ من الوجهين ـ فهذا بوجه نظير ما قالوا في مبحث الاجتماع من أن النهي عن التصرّف في أرض الغير مثلا لا يسري إلى عنوان المأمور بها المتّحد معه أحيانا كالصلاة. فالبيع في المقام بما أنّه إعانة على الإثم أو مسامحة في دفع المنكر محرّم تكليفا ولكنه بعد وقوعه يصير مصداقا لقوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
الفائدة الرابعة :
موارد انطباق العنوانين على مورد في المعاملات
ولكن يمكن أن يناقش ـ كما مرّ في بعض الأبحاث السابقة ـ بأنّ ما ذكرت من أنّ انطباق عنوانين على مورد واحد لا يوجب سراية حكم أحدهما إلى الآخر ، إنّما يصحّ في متعلقات الأحكام أعني أفعال المكلّفين مع وجود المندوحة في البين ، كالتصرف في أرض الغير مع الصلاة مثلا ، حيث إنّ الحكمين لا يتزاحمان في مرحلة الجعل والتشريع ، وإنّما جمع بينهما العبد في مرحلة الامتثال بسوء اختياره ، فلا يسري حكم أحد العنوانين إلى الآخر. وأمّا في موضوعات الأحكام ولا سيما فيما إذا لو حظت بنحو العامّ الاستغراقي كالعقود في قوله ـ تعالى ـ (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) مثلا ـ فهي في مرحلة الجعل والتشريع لو حظت مفروضة الوجود ، وكلّ فرد منها بعد وجوده في الخارج يصير محطّا لحكم الشارع المجعول على نحو القضية الحقيقة. فإذا فرض كون العقد بلحاظ وجوده الخارجي مصداقا للإعانة على الإثم ومبغوضا للشارع لذلك فكيف يحكم بوجوب الوفاء به؟ وهل لا يكون هذا الحكم منه نقضا لغرض نفسه؟
وبالجملة فصحّة المعاملة ـ على ما مرّ ـ عبارة عن إمضاء الشارع لها وحكمه بوجوب الوفاء بها ، وكيف يعقل إمضاؤه لما يكون مبغوضا له؟!
فإن قلت : بين عنوان الإعانة على الإثم وعنوان العقود عموم من وجه فيمكن انفكاكهما خارجا ، ووجوب الوفاء وضع على عنوان العقود فلا يسري من موضوعه إلى الحيثيات الأخر المتحدة معه.