الفائدة الثامنة :
أنحاء صدور الفعل عن المباشر
والأولى في مقام التقسيم أن يقال : إنّ صدور الفعل عن المباشر إمّا أن يقع عصيانا وطغيانا على المولى متّصفا بالحرمة الفعليّة ، وإمّا أن لا يكون كذلك ، بل يقع منه عن اضطرار أو إكراه رافع للحرمة أو جهل يعذر فيه.
والجهل إمّا أن يكون بالحكم الكلي الإلهي وإمّا أن يكون بالموضوع ، والموضوع إمّا أن يكون بواقعه موضوعا للحكم الشرعي كالنجس بالنسبة إلى حرمة الاكل ، وإمّا أن يكون العلم مأخوذا فيه كالنجس بالنسبة إلى الصلاة فيه حيث إنّ المانع عن صحّتها هو العلم بالنجاسة لا النجاسة الواقعيّة.
ثم الموضوع إما أن يكون من الأمور المهمّة التي لا يرضى الشارع بتحقّقها من أيّ شخص كان وفي أيّ حال كان كما في الدّماء والفروج والأموال ، ومثلها الأمور المرتبطة بحفظ نظام المسلمين وكيانهم ، وإمّا أن لا يكون كذلك بل من المحرّمات الجزئية الشخصيّة.
هذا كلّه بالنسبة إلى المباشر.
وأمّا غير المباشر فإمّا أن يقع منه عمل وجودي من التسبيب أو الإغراء أو إيجاد الدّاعي ، وإما أن لا يقع منه إلّا السكوت في قبال المباشر وعمله.
فهذا ملخّص تقسيم مورد البحث بلحاظ إختلاف أحكامه.
فهنا مسائل :
١ ـ أن يقع الفعل عن المباشر عن عصيان وطغيان ، ففي هذه الصورة يقع التسبيب إليه وإغراؤه وتشويقه وإيجاد الداعي بالنسبة إليه حراما قطعا لا لقوّة السبب بل لأنّ التسبيب إلى المنكر والإغراء إليه قبيح عقلا ومحرّم شرعا ومن أظهر مصاديق الإعانة على الإثم مطلقا سواء قوي السبب أم ضعف.
ومن هذا القبيل توصيف الخمر له مثلا بأوصاف مشوّقة ليشربها ، أو سبّ آلهة المشركين