وأمّا في المحرمات العادية الجزئية فلا دليل على وجوب الإعلام والأصل يقتضي العدم ، بل يمكن القول بحرمته إن أوجب العسر أو الأذى. وقد دلّت الأخبار والفتاوى على عدم وجوب السؤال والتحقيق في الموضوعات ، فلا يجب الإعلام فيها أيضا ولا يجري فيها أدلّة النهي عن المنكر ولا أدلّة وجوب إرشاد الجاهل ، إذ المفروض جهل المباشر فلا يقع الفعل منه منكرا وأدلّة إرشاد الجاهل تختصّ بالأحكام الكليّة.
اللهم إلّا أن يقال : إنّ المفروض أنّ العمل بواقعه مبغوض للشارع لاشتماله على المفسدة الملزمة ، فإذا أمكن المنع منه حكم العقل بلزومه حفظا لغرض الشارع ، نظير ما قلنا في مسألة تقديم الطعام النجس للجاهل ، فتدبّر. (١)
الفائدة التاسعة :
بيع العنب ممن يعمله خمرا وفيها خمس مسائل اصولية :
«١ ـ مفهوم الإعانة على الإثم ومصاديقها ومقدمة الحرام وأقسامها.
٢ ـ الأمر والنهي المولويان هل يتعلقان بالمقدمات أم لا؟
٣ ـ هل يمكن تعلق الأمر المولوي بإطاعة الأوامر والنواهي المولوية أم لا؟
٤ ـ هل قصد الحرام والتجري حرام شرعي أم لا؟
٥ ـ هل الكفار مكلّفون بالفروع ، كما أنهم مكلّفون بالاصول أم لا؟» (٢)
تعقيب المصنف البحث فيما يعتبر في صدق مفهوم الإعانة على الإثم
أقول : محصّل ما ذكره المصنّف (ره) أنّ وزان بيع العنب ممن يعلم أنّه يجعله خمرا وزان إعطاء العصا للظالم ، إذ الداعي في كليهما تمكين الغير من مقدمة عمله ، وأمّا في تجارة التاجر فإنّ داعيه إلى تجارته تحصيل المال لنفسه لا للعشّار ولم يقصد وصول العشّار إلى مقدمة فعله.
ولكن يمكن أن يناقش أوّلا بأنّ تجارة التاجر شرط لأخذ الظالم العشور ، والمفروض كون هذا الشرط مقصودا للتاجر ، فوزانها وزان تملك المشتري للعنب الذي هو مقدمة لعمله
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٢٥ إلى ٣٣.
(٢) نفس المصدر ، ص ٣٢٣.