المحرّم ، وفي كليهما قصد ذات المقدمة لا بما انّها مقدمة للعمل المحرّم.
وثانيا : ـ كما سيشير المصنّف أيضا ـ بأنّ الاعتبار في صدق المفاهيم ليس بالدّقة العقلية بل بالصدق العرفي ، والعرف يفرّق بين مثال إعطاء العصا للظالم وبين بيع العنب لمن يخمّر ، حيث إنّ الظالم قصد الضرب فعلا وتهيّأ له ، واختياره وإن لم يسلب بعد لكن لمّا لم يكن بين قصده وبين تحقق الضرب منه حالة منتظرة الّا وقوع العصا في يده صارت فائدة إعطاء العصا له في هذه الحالة منحصرة في الضرب بها ويعدّ هذا سببا لوقوع الضرب والجزء الأخير من علّته ، وهذا بخلاف بيع العنب ، لوقوع الفصل الزماني بين قصد المشتري للتخمير وبين وقوعه خارجا ، ويمكن انصرافه عن قصده وصرف العنب في مصرف آخر حلال ، فلا يعدّ البيع منه سببا لوقوع التخمير خارجا ولا سيّما إذا لم ينحصر البائع في هذا الشخص وأمكن تحصيل العنب من بائع آخر. وإلى ما ذكرنا أشار المحقق الأردبيلي في آيات احكامه ، حيث جعل صدق الإعانة مدار القصد أو الصدق العرفي. (١) ولو فرض انعكاس الأمر في المثالين انعكس الصدق العرفي أيضا كما لا يخفى.
ثمّ إنّه يمكن أن يقال بفرق العرف أيضا بين قصد الغاية المحرمة وعدم قصدها في صدق الإعانة ، كما يفرّق بين صورة العلم بترتّب الغاية وعدمه ، وإن منعنا ذلك سابقا. وعدم كون الإعانة من العناوين المتقوّمة بالقصد كالتعظيم ونحوه ـ على ما مرّ بيانه ـ لا ينافي توقف صدقها وانطباقها على فعل خاصّ بلحاظ غاية خاصّة على قصد هذه الغاية الخاصة والعلم بترتبها معا.
وبالجملة فرق بين قصد العنوان في العناوين القصدية الاعتبارية وبين قصد الغاية للفعل ، فكون الإعانة من العناوين الواقعية غير المتقوّمة بقصد عنوانها لا ينافي توقف صدقها عرفا على فعل خاصّ بلحاظ غاية خاصّة على قصد هذه الغاية. فافهم. (٢)
هل شرط الحرام حرام مطلقا أم لا؟
«فإذا بنينا على أنّ شرط الحرام حرام مع فعله توصّلا إلى الحرام ـ كما
__________________
(١) زبدة البيان ، ص ٢٩٧.
(٢) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٣٢٣ و٣٢٤.