نقد المحقق الإيرواني لكلام الشيخ
وأورد المحقق الإيرواني (ره) في حاشيته في المقام على المصنّف بوجهين :
الأوّل : ما حاصله :
«أنّه إن قلنا بأنّ الحرام في باب التجري هو قصد الشراء لم يكن البيع إعانة عليه ، وأمّا إذا قلنا بأنّ الحرام فيه هو نفس الفعل المتجرأ به أعني الشراء دون القصد ، والقصد واسطة في الثبوت ولحوق الحكم بالفعل الخارجي كان البيع إعانة عليه فكان إعانة على الإثم.»
الثاني : ما حاصله :
«أنّ القصد إنّما يعتبر في حرمة المقدمات الخارجية للحرام دون المقدمات الداخلية. فإذا حرم الفعل أعني الشراء بقصد التوصّل به إلى الحرام بعنوان التجري حرم نفس الفعل ضمنا بعين حرمة الكلّ لا بحرمة اخرى مقدميّة لتحتاج إلى قصد آخر حتى يلزم التسلسل في القصود.» (١)
أقول : محصّل كلامه يرجع إلى البحث في أنّ المحرّم في باب التجري ـ على القول بحرمته ـ هل هو القصد دون الفعل ، أو الفعل فقط والقصد علّة محضة ، أو هما معا؟
والذي يسهّل الخطب ما مرّ من منع الحرمة الشرعية فيه رأسا وأنّ وزانه وزان العصيان والإطاعة. والالتزام بحرمة القصد فقط مخالف لما يستفاد من مذاق الشرع من عدم العقوبة على النيات والقصود ما لم تبرز في الخارج. كما أنّ الالتزام بالحرمة الشرعية لذات الفعل الحلال بمجرد تعلق قصد الحرام به ـ كشرب الماء بقصد كونه خمرا ـ بعيد في الغاية. نعم لا إشكال في حكم العقل بقبحه بعنوان التجري على المولى.
فإن قلت : قد حكموا بأنّ ما حكم به العقل حكم به الشرع أيضا ، فحكم العقل بالقبح يستتبع حكم الشرع بالحرمة.
قلت : ما حكموا به إنّما هو في العناوين الأوّليّة وملاكاتها من المصالح والمفاسد النفس
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ص ١٦ ، ذيل قول المصنّف : والبيع ليس إعانة ... وقوله : مدفوع بأنّه ...