وقيل : يعني قبل بعثة محمّد صلىاللهعليهوآله أو بعد إيمان أسلافكم به (١) .
وعلى الوجهين الأخيرين يكون العتاب خاصّا بأهل الكتابين.
وقيل : اريد خصوص بني قريظة والنّضير.
وقيل : عموم أهل البدع من هذه الأمّة (٢) ، أو المرتدّين في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله وبعده.
عن الثّعلبي في تفسيره : عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « والذي نفسي بيده ، ليردنّ عليّ الحوض ممّن صحبني أقوام ، حتّى إذا رأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولنّ : أصحابي أصحابي ، فيقال لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنّهم (٣) ارتدّوا على أعقابهم » (٤) .
وفي روايات كثيرة : ارتدّ النّاس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا خمسة (٥) .
وعلى أي تقدير يقال لهم : إذن ﴿فَذُوقُوا﴾ واطعموا ﴿الْعَذابَ﴾ في هذا اليوم ﴿بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ .
قيل : إنّ الفصحاء متّفقون على أنّ من المحسّنات البديعيّة أن يكون مطلع الكلام ومقطعه ما تسر به القلوب (٦) ؛ ولذا بدأ في الآية ببيض الوجوه وختمها بذكر حالهم ، بقوله : ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ بنور الإيمان والطّاعة ﴿فَفِي رَحْمَتِ اللهِ﴾ من جنّته ونعمه مستقرّون ، و﴿هُمْ﴾ خاصّة ﴿فِيها خالِدُونَ﴾ دائمون ، لا يخرجون منها ، ولا يموتون.
قيل : في الآية إشعارات بغلبة جانب الرّحمة ؛ حيث ابتدأ فيها بذكر أهل الرّحمة وختمها بهم ، وعبّر عن تعذيب الكفّار بالذّوق ، وعن إثابة المؤمنين بالاستقرار في الرّحمة ، وعلّل العذاب بالكفر المستند إلى أنفسهم ، والثّواب بالرّحمة المضافة إلى ذاته المقدّسة ، ولم يصرّح بخلود الكفّار في العذاب ، مع كونهم خالدين فيه ، وصرّح بخلود أهل الرّحمة فيها.
عن القمّي رحمهالله ، عن أبي ذرّ رضى الله عنه ، قال : لمّا نزلت هذه الآية ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « ترد عليّ أمّتي يوم القيامة على خمس رايات ؛ فراية مع عجل هذه الأمّة ، فأسألهم : ما فعلتم بالثّقلين [ من ] بعدي ؟ فيقولون : أما الأكبر فحرّفناه (٧) ونبذناه وراء ظهورنا ، وأمّا الأصغر فعاديناه
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٨٠٨.
(٢) مجمع البيان ٢ : ٨٠٩ ، تفسير الرازي ٨ : ١٧٣.
(٣) في المصدر : بعد إيمانهم.
(٤) مجمع البيان ٢ : ٨٠٩.
(٥) راجع : رجال الكشي : ٨ / ١٧ و١١ / ٢٤ وفيه : ارتدّ الناس إلّا ثلاثة.
(٦) تفسير الرازي ٨ : ١٧٢.
(٧) الظاهر أنه ليس المراد بالتحريف هنا الزيادة والنقصان ، للاجماع على سلامة القرآن الكريم من التحريف بهذا المعنى ، بل لعلّ المراد بالتحريف هنا التأويل الباطل الذي يخرج بالنص القرآني عن معناه الصحيح الموافق لمراده تعالى ، ويؤيد ذلك حديث الإمام الباقر عليهالسلام في مراسلته لسعد الخير والتي جاء فيها : « وكان من نبذهم الكتاب أن