وأبغضناه وظلمناه ، فأقول : ردوا النّار ظماء مظمئين مسودّة وجوهكم.
ثمّ ترد عليّ راية مع فرعون هذه الامّة ، فأقول لهم : ما فعلتم بالثّقلين من بعدي ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فحرّفناه ومزّقناه وخالفناه ، وأمّا الأصغر فعاديناه وقاتلناه ، فأقول : ردوا النّار ظماء مظمئين مسودّة وجوهكم.
ثمّ ترد عليّ راية مع سامري هذه الأمّة ، فأقول [ لهم ] : ما فعلتم بالثّقلين من بعدي ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فعصيناه وتركناه ، وأمّا الأصغر فخذلناه وضيّعناه ، فأقول : ردوا النّار ظماء مظمئين مسودّة وجوهكم.
ثمّ ترد عليّ راية ذي الثدية مع أوّل الخوارج وآخرهم ، فأقول : ما فعلتم بالثّقلين من بعدي ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فمزّقناه وبرئنا منه ، وأمّا الأصغر فقاتلناه وقتلناه ، فأقول : ردوا النّار ظماء مظمئين مسودّة وجوهكم.
ثمّ ترد عليّ راية إمام المتّقين ، وسيّد الوصيّين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، ووصيّ رسول ربّ العالمين ، فأقول لهم : ما فعلتم بالثّقلين من بعدي ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فاتّبعناه وأطعناه ، وأمّا الأصغر فأحببناه وواليناه ونصرناه ، حتّى اهريقت فيه دماؤنا ، فأقول : ردوا الجنّة رواء مرويّين ، مبيضّة وجوهكم » ، ثمّ تلا رسول الله صلىاللهعليهوآله : ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ إلى قوله ﴿خالِدُونَ﴾(١) .
وفي هذه الرّواية شهادة على أنّ المراد بالآية أهل البدع والأهواء الزّائغة من هذه الأمّة ، وقد روي ذلك عن أمير المؤمنين عليهالسلام. أو المراد عموم المرتدّين وأهل البدع منهم.
﴿تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ * وَلِلَّهِ ما فِي
السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٨) و (١٠٩)﴾
ثمّ أشار سبحانه إلى دلالة هذه الآيات على صدق النّبوّة ، بقوله : ﴿تِلْكَ﴾ الآيات المبشّرة للمؤمنين بياض الوجه في الآخرة والنّعم الأبدية والمنذرة للكافرين بسواد الوجه والعذاب الدّائم ، العالي شأنها من أن يطّلع عليها أحد إلّا بالوحي ﴿آياتُ اللهِ﴾ ودلائله القاطعة ، التي أنزلها لإثبات كونك بشيرا ونذيرا من جانب الله ، حيث إنّها - لعلوّ معانيها وإعجاز عباراتها - تنادي بأنّها ليست من البشر ، بل ﴿نَتْلُوها﴾ ونقرؤها ﴿عَلَيْكَ﴾ يا محمّد بوساطة جبرئيل ، حال كونها ملتبسة ﴿بِالْحَقِ﴾ والعدل ،
__________________
أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه - إلى أن قال عليهالسلام - : وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم إلى الردى ، وغيروا عرى الدين » الحديث. الكافي ٨ : ٥٣ / ١٦.
(١) تفسير القمي ١ : ١٠٩.