فأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بهذه الكلمات أراد أن يُفهم الصحابة بأنّ القرآن لا يفهم إلاّ به وبأهل بيته ؛ لأنّهم هم المعنيّون في قوله تعالى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).
كما أنّه عليهالسلام كان يعتقد لزوم احترام الرسول(صلى الله عليه وآله) ، كما هو الواجب في احترام القرآن.
وقد أجاب(صلى الله عليه وآله) الأنصار الذين قالوا لفاطمة الزهراء عليهاالسلام :
«يا بنت رسول الله مضت بيعتنا لهذا الرجل ـ أي أبي بكر ـ ، ولو أنّ زوجك وابن عمِّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.
فقال عليّ عليهالسلام : أفكنت أدع رسول الله(صلى الله عليه وآله) في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟.
فقالت فاطمة عليهاالسلام ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم»(١) ، أي أنّ الإمام كان يريد التأكيد على أنّ هناك اتّجاه لا يعير قيمة للرسول(صلى الله عليه وآله) حيّاً كان أم ميّتاً ، وهمّهم هو الوصول إلى الخلافة والحكم فقط.
وقد جاء هذا المعنى واضحاً في الندبة الرابعة التي وجّهها الإمام عليّ عليهالسلام بعد وفاة الزهراء عليهاالسلام إلى ابن عمّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، حيث أرسل دموعه
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١٩ / ١.