الشيعة المقيمين بالشام وقد أراد أن يدرس أبا هريرة درساً علمياً بريئاً من التعصّب المذهبي ولكنّه لم يكد يفتتح كتابه حتّى وقع فيما فرّ منه وابتدأ من أوّل صفحة كتاباً لا ينظر إلى أبي هريرة في ذاته وإنّما ينظر إليه كشخص يقدّسه أهل السنّة المخالفون له في الغلوّ في التشيّع ، لأنّا معشر أهل السنّة نتشيّع لعليٍّ وأهل بيته رضي الله عنهم ونسلك في ذلك مذهباً وسطاً بين الغالين في التشيّع لهم والذين يكرهونهم من الخوارج ونحوهم وقد قال عليّ رضي الله عنه : خير هذه الأمّة النمط الأوسط ، يلحق بهم التالي ويرجع إليهم الغالي.
فقد ذكر المؤلّف أنّ الذي أوقع أهل السنّة في الرضا عن أبي هريرة إنّما هو مذهبهم في تعديل كلّ صحابي واعتقاد أنّ الصحبة عصمة لا يمسّ صاحبها بجرح وإن فعل ما فعل ، ثمّ ذكر أنّ الصحبة فضيلة جليلة ولكنّها غير عاصمة وأنّ الصحابة كان فيهم العدول والأولياء والأصفياء والصدّيقون وكان فيهم مجهول الحال وكان فيهم المنافقون من أهل الجرائم والعظائم ، كما قال تعالى (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)(١) فعدولهم حجّة ومجهول الحال نتبيّن أمره وأهل الجرائم لا وزن لهم ولا لحديثهم وقد درس المؤلّف أبا هريرة على هذا الأساس ليثبت أنّه كان منافقاً كاذباً مجرماً فيكون عنده من الفريق الثالث الذي عدّه من الصحابة ولا يكون هناك وزن له ولا لحديثه.
ونحن معشر أهل السنّة لا نعتقد أنّ الصحبة عصمة لأنّه لا عصمة
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ : ١٠١.