وما كانت العرب تنطق بمثل ما تكلّفه (العصريّون) من هذه البابة ، وإن استعملت ما هو قريب في (الرسم) من (التمظهرات) ، فإنّما تستعمله لـ : (نكتة بلاغية) ، وهو باب واسع ليس هذا موضع بسطه ، وإنّ كتاباً مثل هذا الكتاب يُعنى بأدب التراث العربي الأصيل ، ويتحرّى فيه المصنّف أفصح لغات العرب ، ليس من المناسب أن تحشر في مقدّمته ولا في هوامشه (الكلمات الحديثة) ، حتّى مع الاعتراف بجمالية رسمها و (رونقة جرسها). وبحسبي ما نبّهت عليه ـ هنا ـ ليدلّ على الباقي ممّا لم أشر إليه مُراعاةً للإيجاز.
* وفي صفحة ٩ : «ولعلّه كان الرائد في تبويب معاني الأختيار».
وهذا التعبير خطأ مُبين وقع فيه غير واحد من المتقدّمين بَل المتأخّرين ، وقد نبّه على ذلك أبو محمّد القاسم بن علي الحريري الربعيّ (ت ٥١٦هـ) في كتابه دُرّة الغوّاص في أوهام الخواص بقوله : «ويقولون : لعلّه نَدِمَ ، أو لعلّه قَدِمَ ، فيلفظونَ بما يشتمل على المناقضة ، وينبىء عن المعارضة. ووجه الكلام أن يقال : لعلّه يفعل ، أو لعلّه لا يفعل ؛ لأنّ معنى لعلّ التوقّع لمرجو أو مخوف ، والتّوقّع إنّما يكون لما يتجدّد ويتولّد لا لما تقضّى وتصرّم ، فإذا قلت : خرج ، فقد أخبرت عمّا قضي الأمر فيه ، واستحال معنى التوقّع له ؛ فلهذا لم يجز دخول (لعلّ) عليه».
ومع أنّ الحريري خطّأ هذا التعبير ـ هنا ـ فقد وقع هو فيه ، في موضع آخر ؛ قال في خاتمة الدرّة معتذراً عمّن عرض إلى تخطئتهم : «... ولعلّ خواطرهم هفت بها نسيانا ، وأقلامهم خطرت بها طغيانا ؛ إذ استعمل (لعلّ)