العالم المتمدّن برغم أُطر الحداثة ومنهجية العصرنة هذه الرموز كانت دوماً إصلاحية ، تجديدية ، تغييرية ، ثورية ، وأولئك كانوا هم روّاد النهضة وشواخص الحضارة وتراني أجيء بالمثل وأضرب البرهان في الشهيدين السعيدين العامليّين ـ طاب ثراهما ـ فهما أنموذجان للخطّ التجديدي في فقه المدرسة الإمامية وداعيتان من دعاة (التقريب) بين المذاهب الإسلامية.
وإذا كان لعنصرَيّ المكان والزمان من مداليل في منظومة الاجتهاد كما يقرّر السيّد الخميني قدسسره فإنّ المصداق : الشهيدان العامليّان ، إذ انحدرا من جبال عاملة (ولودة الفقهاء) إلى القواعد الشعبية في سهولها ووديانها وكان عصرهما آنذاك عصر احتلال فقاوما (الاستكبار) حتّى نالا درجة الفخار.
وإذا كانت (الذاتية) ينبغي ألاّ تؤثّر في صياغة (الفتوى) كما يعبّر الشهيد محمّد باقر الصدر ، فلعمري أنّ الشهيدين كانا الأسوة الحسنة لمحاربة تلك النزعة ، وارتحلا في الأقطار ليقيما (الفقه المقارن) ويشيّدا منهجية (المقارنة) ، وقد صنّفا بعد ذلك (اللّمعة والروضة) أشهر مدوّنتين في الفقه الإسلامي الإمامي ، وجمعا إلى فضيلة العلم منقبة الشهادة.