بحوث تمهيدية
أوّلا : جبل عاملة (الجغرافيا والموقع) :
حدود الجبل قد ظلّت لفترة طويلة ملتهبة وفضفاضة ، تارةً كانت تمتدّ وتتّسع وطوراً كانت تتراجع وتتقلّص.
يذكر الحمداني (ق ١٠ م) : «إنّ جبل عاملة يطلّ على بحيرة طبريّة باتّجاه البحر» ، ثمّ يضيف في موقع آخر : «أنّه يشرف على عكّا وله نافذة على الأردن» وبحسب ياقوت الحموي (ق ١٣ م) فإنّ الجليل يمتدّ من سواحل الشام إلى محيط حمص وحتّى إلى دمشق ، ويستشهد هذا الجغرافي بابن فقيه (ق ٩ م) زاعماً ، أنّ قبر نوح يقع في الجليل قرب حمص ، والحقيقة إنّ نصباً للنبيّ نوح عليهالسلام يقوم في قرية (كرك نوح) وأسمها اليوم كرك قرب زحلة على الطريق إلى بعلبك ، وقد كانت هذه المنطقة وهي البقاع اليوم تابعة للجليل ، وكانت جزءاً ممّا كان عليه جبل عامل.
إنّ حدود جبل عامل ليست مثبّتة في المصادر المكتوبة بل متناقلة بالمشافهة على ألسن مسنّيه ، الأمر الذي يفسّر اختلاف الآراء بين المؤلّفين الذين انكبّوا على تاريخ البلاد العامليّة منذ بداية (ق ٢ هـ) فبدأوا بوصف نطاقها الجغرافي إلاّ أنّ هذا الاختلاف يبقى في حدوده الدنيا ، فلنأخذ بحدوده