وذلك بطبيعة الحال يعطي التصوّر الصادق في متبنيات الشهيد الأوّل للتقريب بين المذاهب والوحدة الإسلامية والجامعة الدينية ، إضافةً إلى الشخصيّات السياسية ، وبقي نشاطه في هذا السبيل حتّى استشهد (١).
واحتلّ الشهيد في المدّة التي عاشها في دمشق مكانة اجتماعية راقية ، فكان موضع حفاوة الطبقات المختلفة ، واكتسب شعبية كبيرة ، كما التفّ حوله كثيرٌ من أقطاب السياسة والحكم في دمشق وخارجها.
واستطاع أن يتجاوز في نفوذه الروحي والإسلامي حدود سوريا والعراق ، ويشدّ الملوك والحكّام من الإطراف إليه ، وكان منهم (علي بن مؤيّد) ملك السربداران في إيران ـ وسنتناول المعالجة التاريخية لتلك الدولة الفارسية في المبحث الآتي ـ وكان البعد السياسي هو منشأ الضغينة من قبل البعض ومثار حقدهم وكراهيّتهم.
المطلب الثاني ـ بناء الكيان المرجعيّ :
يعتقد السيّد الشهيد الصدر الأوّل أنّ المرجعية وكيانها مرّت بمراحل ثلاث :
أوّلاً : مرحلة الاتّصالات الفردية : وقد حصلت بين العلماء المجتهدين والقواعد الشعبية في بلاد أولئك العلماء ، يُستفتى العالم فيفتي ، وهذه المرحلة هي المرحلة التي عاشها أصحاب الأئمّة عليهم الصلاة والسلام واستمرّت هذه الحالة إلى أيّام العلاّمة الحلّي.
ثانياً ـ مرحلة المرجعية (الجهاز) : حيث يستطرد الشهيد الصدر محمّد
__________________
(١) المرجعية والأمّة العلاقات المتبادلة : ٣ ـ ١٨.