ويتوسّع الحموي في وصف الحلّة ، ومنطقة الجامعين التي حوتها ، فيقول : «والحلّة ، علم لعدّة مواضع وأشهرها : حلّةُ بني مَزيد ، مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين .. وكان أوّل من عمّرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن عليّ بن مزيد الأسدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ، فلمّا قوي أمره ، واشتدّ أزره ، وكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية ، بما تواتر بينهم من الحروب ، انتقل إلى الجامعين ، موضع غربي الفرات ليبعد عن الطالب وذلك في محرّم سنة (٤٩٥ هـ)». ثمّ يصف لنا منطقة الجامعين قبل أن يمصّرها (سيف الدولة) فيقول : «وكانت أجمة تأوي إليها السباع فنزل بها بأهله وعساكره وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة ، وتأنّق أصحابه في مثل ذلك ، فصارت ملجأً ، وقد قصدها التجّار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها ..».
وفي مكان آخر من معجمه يقول الحموي : «الجامِعَين : كذا يقولونه بلفظ المجرور المثنّى ، هو حلّة بني مَزيد التي بأرض بابل على الفرات بين بغداد والكوفة وهي الآن مدينة كبيرة آهلة .. وقد أَخرجت خلقاً كثيراً من أهل العلم والأدب ينسبون الحلّي ..»(١).
وقد زار الحلّة بعد تأسيسها الرحّالة المعروف (ابن جبير) ووصفها وصفاً دقيقاً ، مركِّزاً على الجانب العمراني فيها التي تدلّ ـ بحسب قوله ـ :
__________________
(١) معجم البلدان ٣/ ٢٤ ، ١٧٦.