ورغم اتّفاق كلمة العلماء المؤرّخين للمسيرة العلمية على انتساب تأسيس حوزة الحلّة العلمية إلى ابن إدريس الحلّي ، إذ يوصف في كلماتهم بـ «مؤسّس الحوزة العلمية في الحلّة»(١).
إلاّ أنّ المرحلة التي سبقت ابن إدريس لم تكن تخلو من الفقهاء وطلاّب العلم. يقول الشيخ الفضلي : «قبل أن تشتهر الحلّة كمركز علمي كبير من مراكز الحركات العلمية الإمامية على يد الشيخ محمّد بن إدريس العجلي الحلّي ، كانت كالنجف قبل الطوسي ... ، فيها نواة حركة علمية ، تمثّلت في بعض الفقهاء والطلاّب ، فابن إدريس مؤسّس ورئيس المركز العلمي الكبير في الحلّة ..»(٢).
ومهما يكن من أمر ، فالعوامل الأساسية والثانوية المساعدة في تأسيس الحوزة العلمية في الحلّة يمكن أن نلخّصها بما يلي :
أوّلاً : وجود الأُمراء من بني مزيد ودولتهم الشيعية.
ثانياً : وجود نواة لحركة علمية في مدينة الحلّة.
ثالثاً : ضعف الحركة العلمية في النجف بعد الشيخ الطوسي.
رابعاً : ما يمتلكه الشيخ ابن إدريس من شخصية علمية شجاعة.
هذه كلّها مجتمعة عوامل تكاملت فساعدت ابن إدريس على أن يجلب الأضواء نحو الحلّة ، ويستقطب العلماء والطلاّب من الأقطار الأُخرى إلى
__________________
(١) روضات الجنّات ٦ / ٢٧٨.
(٢) تاريخ التشريع الإسلامي : ٣٤١.