وجدنا فيه ظاهرة مشتركة بينه وبين فقه ابن إدريس تميّزهما عن عصر التقليد المطلق للشيخ ، وهذه الظاهرة المشتركة هي الخروج على آراء الشيخ ، والأخذ بوجهات نظر تتعارض مع موقفه الأُصولي والفقهي ، .. فابن إدريس يحاول في السرائر تفنيد ما جاء في فقه الشيخ من أدلّة ، كذلك نجد ابن زهرة يناقش في الغنية الأدلّة التي جاءت في كتاب العدّة ، ويستدلّ على وجهات نظر معارضة ، بل يثير أحياناً مشاكل أُصولية جديدة لم تكن مثارة من قبل في كتاب العدّة بذلك النحو»(١).
وقد تكون مناقشات ابن زهرة لآراء الشيخ الطوسي أكثر عمقاً من مناقشات ابن إدريس ، لأنّها تناقش مباني الشيخ ، إلاّ أنّ ابن إدريس هو الذي اشتهر في مواجهة آراء الشيخ وردّها. كذلك ابن البرّاج الطرابلسي (ت ٤٨١هـ) خالف في كتابه المهذّب البارع آراء أُستاذه الطوسي ، ولكن لا نجد صدى لهذه المخالفة.
وقد ترجمنا باختصار لابن زهرة الحلبي ، فيما مضى ، فلابدّ لنا من ترجمة أيضاً لابن إدريس مع بعض التوسّع في منهجه النقدي لآراء الشيخ الطوسي الفقهية.
ابن إدريس الحلّي في سطور :
وابن إدريس هو «ابو عبد الله محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس بن
__________________
(١) المعالم الجديدة لعلم الأُصول : ٧٤ ، وللتوسّع انظر : غنية النزوع ، قسم أُصول الفقه ٢ / ٢٦٥ وما بعدها.