العلماء القادرين على مهمّة التدوين التاريخي ، وبلاط يرعى الحالة العلمية ويعمل على تنشيطها أو تبنّيها ، أو على الأقلّ يلتزم الحياد حيال الجهود العلمية التي تنبثق من المجتمع الأهلي بمبادرات فردية وطموحات خاصّة قد تبذل في هذا السياق.
شيء من هذا حصل على سبيل المثال في ظلّ الدولة العثمانية التي بسطت نفوذها في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين والأردن والحجاز حتّى مطلع الحرب العالمية الأولى قبل أن تلفظ الإمبراطورية أنفاسها في العام (١٩٢٢م) ، من هنا رأينا أنّ الإرشيف العثماني يُعدّ واحداً من أبرز المصادر المتعلّقة بتاريخ الجزيرة العربية ، ولاحظنا كيف كثرت هذه المصادر التركية في الفترات التي كان فيها احتكاك مباشر بالعثمانيّين ، وقلّت تلك المصادر أو بعضها في الفترات التي لم يكن فيها للعثمانيّين دور كبير في المنطقة(١).
من هنا ، كانت المدوّنات العلمية التي كتبها علماء البحرين في القرون السابقة تنطوي على أهمّية تاريخية بالغة الأهمّية ، لعدّة اعتبارات :
١ ـ لأنّها تؤرّخ لمظهر من مظاهر الحياة الثقافية والاجتماعية.
٢ ـ تقدّم شهادة محلّية نادرة لجوانب مختلفة من حياة المجتمع والناس في العصور الماضية.
٣ ـ تقترح هذه المدوّنات بدائل عملية للنقص التاريخي الفادح للإرشيف الأجنبي الذي يرتكز أغلبه على الاهتمام بالجوانب السياسية
__________________
(١) مصادر تاريخ الجزيرة العربية في تركيا : ١٥.