البحث والتنقيب أن نحفر كوّة في جدار التراث للوصول إلى الكتب المفقودة ، وإنّ هذه المهمّة رهن بتنقيح مباني منهج جديد في المباحث الرجالية والتعريف بالكتب ، وهي عملية يمكن تسميتها بـ : (تحديد المصادر).
وقد وقف كاتب هذه السطور منذ سنوات على أهمّية هذا النوع من البحوث ، وقام بجهود حثيثة في بيان الأبعاد النظرية والعملية لهذا النوع من الأبحاث ، على أمل أن تجد هذه الأعمال طريقها إلى النشر.
هناك ثلاثة مصادر هامّة لبحث (الغيبة) وهي : كتاب الغيبة لأبي عبد الله النعماني (في النصف الأوّل من القرن الرابع) ، وكتاب كمال الدين وتمام النعمة(١) للشيخ أبي جعفر الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١هـ) ، وكتاب الغيبة للشيخ أبي جعفر الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠هـ).
تمّ تأليف كلّ واحد من هذه الكتب الثلاثة بأسلوب خاصّ ، بيد أنّها بأجمعها تشترك في العديد من المسائل ، ومن بين الأمور التي تشترك فيها هذه الكتب الثلاثة هو افتقادنا لأكثر مصادرها ، ومن هنا أضحت تعرف بوصفها من المصادر الأولى ، وإنّ الأثر الروائي الأوّل من بين هذه الكتب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) هناك من ذهب إلى القول بأنّ عنوان هذا الكتاب هو : إكمال الدين وإتمام النعمة ، وهو خطأ بدليل أنّ الصدوق نفسه ـ وهو مؤلّف الكتاب ـ يشير إلى هذا الكتاب في جميع أعماله الأخرى بعنوان (كمال الدين وتمام النعمة) ، كما أنّ القول باقتباس هذا العنوان من الآية الثالثة من سورة المائدة لا ينهض دليلاً على تسمية الكتاب بـ : (إكمال الدين وإتمام النعمة) ، ونترك تفصيل البحث في هذه النقطة إلى فرصة أخرى.