يدخل ديارها عنوة وصدّاً ، حيث سجد النبيّ لإسلامهم قائلا : «السلام على همدان السلام على همدان» فكان قوله(صلى الله عليه وآله) لهم شعاراً وفخاراً وزلفةً وانتصاراً ، وتلألأ جبين تاريخهم عزّةً واعتباراً وزهواً وبهواً وازدهاراً ، امتزجت فطرتهم بفطرة الإسلام ، حيث أتت إليهم أوّل راية رفعها أخو الرسول وابن عمّ خير الأنام ، سيّد الموحّدين وإمام المتّقين أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ، حيث حاورهم وعرض عليهم ما جاء به محمّد نبيّ الرّحمة من رحمانية وعطاء وإنسانية وإباء وحنيفية بيضاء ، فقبلوا ذلك بعقلانية ورشاد وحبٍّ ووداد ، فأسلموا دون استسلام وسلّموا لعليٍّ القياد والزمام ، فهم أهل عقل ونبل وكرامة وكياسة ، لا أهل خدع ومكر وفلتة وسياسة ، مرّت عليهم السنون وتوالت القرون وهم على فطرتهم وإسلامهم ثبات ، دهمتهم الدواهي وزجرتهم الأوامر والنواهي وهم في عشرتهم وملّتهم بواسل أُباة ، وأقران كماة ، لم تأخذهم في الله لومة لائم ، ولم تثنهم طخية متجبِّر هائم ، آمنوا بدين ربّ المنّة ، فكان لهم الإسلام خير وقاء وجنّة ، ولم تمزّق أُلفتهم كلمة شيعة وسنّة.
فلمّا احتمدت الأَرب ، وتفاقمت الكُرَب ، ونَعق ناعق ربيع العرب ، قامت لتعرب عن كلمتها ، موحّدة صفوف أمّتها ، ماضيةً لله في دربها وسمتها ، أنّها على نهج الحسين وأبيه وأمّه وأخيه وجدّه وبنيه المعصومين الأطهار الأبرار الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فعصفت بهم العواصف ، واشتدّت بهم الريح السفاسف ، فكانت (العاصفة) جريمةً شنعاءَ