في المطوّلات.
وأمّا الكبرى فلوجهين :
الأوّل : أنّ المعجز لمّا كان من فعل الله تعالى لغرض التصديق لو لم يدلّ على صدق من ظهر على يده لاستلزم ذلك كذبه ، فكان إظهاره حينئذ تصديقا لذلك الكاذب ، وتصديق الكاذب قبيح عقلا محال على الحكيم تعالى.
الثاني : أنّا نعلم ضرورة أنّ شخصا لو حضر بين يدي ملك وقال : أنا رسول هذا الملك إليكم ، ودليل صدقي في دعواي رسالته أنّ الملك ينزل عن سريره أو يضع عمامته. ثمّ إنّ الملك فعل ذلك عقيب كلام ذلك الشخص ، فإنّ المخاطبين عند ذلك يضطرّون إلى تصديقه. كذلك النبيّ لمّا ادّعى النبوّة وأنّ الله يظهر على يده كذا ، فظهر كما قال ، فإنّ الضرورة حينئذ تلجئنا إلى تصديقه في دعواه.
قال : هداية ـ إذا كان محمّد صلىاللهعليهوآله نبيّا حقّا ، يجب أن يكون معصوما ، فكلّ ما جاء به ممّا لا يعارضه العقل يجب تصديقه. وإن نقل عنه شيء ممّا عارضه لم يجز إنكاره ، بل يتوقّف فيه إلى أن يظهر سرّه. فشريعته (١) التي هي ناسخة للشرائع باقية ببقاء الدنيا ، يجب الانقياد لها ، والامتثال لأحكامها.
أقول : في هذه الهداية فوائد :
الأولى : أنّه لمّا ثبتت نبوّة سيّدنا رسول الله محمّد بن عبد الله وجبت عصمته ، وكلّ من وجبت عصمته استحال الكذب عليه ، فيكون هو كذلك. واذا استحال الكذب عليه يجب تصديقه في كلّ ما أخبر به عن الله سبحانه من الأحكام الشرعيّة والإخبار عن القرون الماضية وعن الأحوال الآتية يوم القيامة وغير ذلك.
الثانية : أنّ ما ورد عنه صلىاللهعليهوآله إمّا أن يكون موافقا للعقل أو مخالفا له. فالأوّل يجب تصديقه فيه لتعاضد النقل بالعقل ثمّ هذا الموافق قسمان :
أحدهما : حكم العقل بوجوبه.
وثانيهما : حكم العقل بجواز طرفيه : النفي والإثبات ، بحيث لم يحكم بامتناعه.
__________________
١ ـ الفصول النصيريّة : وشريعته.