الشرع ، قائم مقام صاحب تلك الشريعة ، المتكفّل ببيانها وذلك هو الإمام ، فيكون وجوده لطفا وهو المطلوب. وهنا إيرادات كثيرة وجواباتها ذكرناها في كتاب «اللوامع» (١) ، من أرادها فليقف عليها.
قال : ولمّا كان علّة الحاجة إلى الإمام عدم عصمة الخلق وجب أن يكون الإمام معصوما ، وإلّا لم يحصل غرض الحكيم.
أقول : اختلف الناس في وجوب عصمة الإمام ، فنفاه الكلّ (٢) إلّا أصحابنا الإماميّة (٣).
واستدلّ المصنّف على الوجوب بأنّ العلّة الموجبة لنصب الإمام هي جواز الخطأ على المكلّفين ، لأنّه لو فرض عدم ذلك لما كان الوجوب حاصلا ، فإذا فرض الإمام جائز الخطأ وجب وجود رئيس له ، والكلام في الثاني كالكلام في الأوّل ، فيلزم وجود أئمّة غير متناهية وهو باطل لازم من جواز الخطأ على الإمام ، فلا يكون جائز الخطأ ، وذلك هو المراد بالعصمة فتكون العصمة واجبة ، وهو المطلوب.
قال : أصل ـ لمّا كانت عصمة الإمام ، غير مؤدّية إلى إلجاء الخلق إلى الصلاح ، أمكن وقوع الفتنة والفساد بسبب كثرة الأئمّة ، فيكون الإمام واحدا في سائر الأقطار ، ويستعين بنوّابه فيها.
أقول : الأكثر على أنّه لا يجوز تعدّد الأئمّة في زمان واحد خلافا للزيديّة ؛ فإنّهم جوّزوا قيام إمامين في عصر واحد في بقعتين متباعدتين إذا استجمعا لشرائط الإمامة (٤).
__________________
١ ـ اللوامع الإلهيّة : ٢٦٢.
٢ ـ جميع العامّة قائلون بعدم اشتراط العصمة في الإمام. قال التفتازانيّ في شرح المقاصد : من معظم الخلافيّات مع الشيعة اشتراطهم أن يكون الإمام معصوما ، واحتجّ أصحابنا على عدم وجوب العصمة بالإجماع على إمامة أبي بكر وعمر وعثمان مع الإجماع على أنّهم لم يجب عصمتهم. وقال الرازيّ في الأربعين : قال أصحابنا والمعتزلة والزيديّة والخوارج : لا يجب أن يكون الإمام معصوما. وقالت الاثنا عشريّة : يجب. شرح المقاصد : ٢٧٩ ، الأربعين ، للرازيّ : ٤٣٣.
٣ ـ يشترط أصحابنا الإماميّة العصمة في الإمام ، واستدلّوا عليه بأنّ العلّة المقتضية لوجوب نصب الإمام جواز الخطأ على المكلّف ، فلو جاز عليه الخطأ لوجب افتقاره إلى إمام آخر ليكون لطفا له وللأمّة. الذخيرة في علم الكلام : ٤٢٩ ، قواعد العقائد ، للمحقّق الطوسيّ : ٣٩ ، نهج المسترشدين : ٦٣ ، كشف الفوائد : ٨٢.
٤ ـ الزيديّة جوّزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ، ويكون كلّ واحد منهما واجب الطاعة. الملل والنحل ١ : ١٣٨.