يوزنان؟.
قال : هداية ـ شفاعة محمّد صلىاللهعليهوآله لأهل الكبائر ثابتة ؛ لأنّ من جوّز العفو لهم جوّز الشفاعة ، ومن لم يجوّز لم يجوّز. ولمّا بطل المذهب الثاني ، ثبت الأوّل.
أقول : اتّفقت الامّة على ثبوت الشفاعة لنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله لقوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (١). قال المفسّرون : إنّه مقام الشفاعة (٢).
ثمّ اختلفوا في متعلّق الشفاعة ، فقالت الوعيديّة (٣) : إنّها في زيادة المنافع والدرجات ؛ بناء منهم على عدم جواز العفو عن الفاسق.
وقالت الأشاعرة وأصحابنا : إنّها في إسقاط العقاب عن أهل الكبائر.
قال المصنّف : لمّا كان قول الوعيديّة مبنيّا على مذهبهم بعدم جواز العفو وعلى القول بتحتّم العقاب والتخليد ـ وقد أبطلناه ـ فيبطل تفسيرهم للشفاعة ويثبت ما قلناه ، وهو الحقّ لدلالة القرآن والخبر.
أمّا الأوّل : فقوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (٤). والفاسق مؤمن لما يأتي من تفسير الإيمان ، فيدخل فيمن امر النبيّ صلىاللهعليهوآله بالاستغفار لهم. فإن كان الأمر للوجوب فلا يتركه ؛ لعصمته. وإن كان للنّدب فكذلك ؛ لرأفته بنا ورحمته ، فإذا سأل المغفرة فيعطاها لقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٥).
وأمّا الثاني : فالخبر الذي تلقّته الامّة بالقبول والإذعان ، وهو قوله : «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي» (٦). ولا اعتبار بردّ أبي الحسين البصريّ له ، وروايته
__________________
١ ـ الإسراء / ٧٩.
٢ ـ تفسير العيّاشيّ ٢ : ٣١٤ ، تفسير القمّيّ ٢ : ٢٥ ، تفسير التبيان ٦ : ٥١٢ ، تفسير الطبريّ ١٥ : ١٤٤ ـ ١٤٥ ، التفسير الكبير ٢١ : ٣١ ، تفسير القرطبيّ ١٠ : ٣٠٩ ، الدرّ المنثور ٤ : ١٩٧.
٣ ـ الوعيديّة داخلة في الخوارج ، وهم يزعمون أنّ الإيمان جميع الطاعات ، وأنّ الكفر جميع المعاصي ، وهم القائلون بتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار. ويقابلهم المرجئة القائلون بأنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. مقالات الإسلاميّين ١ : ١٢٠ ، الملل والنحل ١ : ١٠٥ ، ١٢٥.
٤ ـ محمّد / ١٩.
٥ ـ الضّحى / ٥.
٦ ـ مجمع البيان ١ : ١٠٤ ، البحار ٨ : ٣٠ ، من طريق العامّة ينظر : سنن الترمذيّ ٤ : ٦٢٥ الحديث ٢٤٣٥ ، مسند أحمد ٣ : ٢١٣.