إذا تقرّر هذا فنقول : البارئ تعالى ليس بمتكثّر بالمعاني المذكورة كلّها.
أمّا الثالث أعني النوع المتكثّر بأشخاصه فسيجيء بيان بطلانه في الفصل التالي لهذا الفصل.
وأمّا الأوّل بقسميه الخارجيّ والذهنيّ فبطلانهما بما ذكره من البيان ، وتقريره أنّ كلّ ذات متكثّرة بهذا المعنى ـ أعني تألّف ذاتها من تلك الأجزاء ـ فإنّها محتاجة في تحقّقها خارجا وذهنا إلى تلك الأجزاء ، ضرورة أنّ وجود المركّب بدون جزئه محال ، والجزء ذات مغايرة لذات الكلّ لأنّه مقدّم عليه في الوجودين الذهنيّ والخارجيّ ، والمقدّم غير المؤخّر ، فكلّ ذات متكثّرة بالمعنى المذكور فهي محتاجة إلى غيرها ، وكلّ محتاج إلى غيره ممكن ، ينتج أنّ كلّ ذات متكثّرة بالمعنى المذكور فهي ممكنة.
وينعكس هذا بعكس النقيض إلى قولنا : كلّ ما ليس بممكن فهو ليس بمتكثّر بالمعنى المذكور. ونجعله كبرى لقولنا : الواجب ليس بممكن ، (هكذا بالضرب الأوّل من الأوّل) (١) : الواجب هو ليس بممكن ، وكلّ ما ليس بممكن ليس بمتكثّر ، ينتج الواجب ليس بمتكثّر (٢).
__________________
يسمّى مماثلة ، وفي الجنس يسمّى مجانسة ، وفي العرض إن كان في الكمّ سمّي مساواة ، وفي الكيف سمّي مشابهة ، وفي المضاف سمّي مناسبة ، وفي الشكل سمّي مشاكلة ، وفي الوضع يسمّى موازاة ، وفي الأطراف يسمّى مطابقة. إرشاد الطالبين : ١٤٥ ، ١٤٦.
١ ـ ما بين القوسين ليس في «م» ، وفي «ح» : هكذا من الضرب الأوّل والشكل الأوّل.
٢ ـ الشكل الأوّل ما كان الأوسط فيه محمولا في الصغرى ، موضوعا في الكبرى ، وضروبه أربعة : الأوّل : ما هو مؤلّف من كلّيّتين موجبتين ينتج كلّيّة موجبة. مثاله : كلّ خمر مسكر ، وكلّ مسكر حرام ، ينتج كلّ خمر حرام. واستدلال المصنّف من هذا القسم حيث يقول : إنّ كلّ ذات متكثّرة محتاجة ، وكلّ محتاج ممكن ، ينتج أنّ كلّ ذات متكثّرة ممكنة.
الثاني : ما هو مؤلّف من كلّيّة موجبة وسالبة كلّيّة. مثاله : كلّ خمر مسكر ، ولا شيء من المسكر بنافع ، ينتج لا شيء من الخمر بنافع.
الثالث : ما هو مؤلّف من موجبة جزئيّة ، وموجبة كلّيّة ، ينتج موجبة جزئيّة ، مثاله : بعض السائلين فقراء ، وكلّ فقير يستحقّ الصدقة ، ينتج بعض السائلين يستحقّ الصدقة.
الرابع : ما هو مؤلّف من موجبة جزئيّة ، وسالبة كلّيّة ، ينتج سالبة جزئيّة. مثاله : بعض السائلين أغنياء ، ولا غنيّ يستحقّ الصدقة ، ينتج بعض السائلين لا يستحقّ الصدقة. النجاة من الغرق في بحر الضلالات : ٥٧ ، التحصيل ، لبهمنيار : ١١٤ ، المنطق ، للمظفّر : ٢١٤.