والمحلّ غيرهما ، فلا يكون الواجب متحيّزا ولا عرضا. وكلّ ما يشار إليه بالحسّ فهو إمّا متحيّز أو عرض ، فلا يكون الواجب مشارا إليه (١) بالحسّ.
أقول : المتحيّز : هو الحاصل في الحيّز. والحيّز عند المتكلّمين هو الفراغ المتوهّم الذي تشغله الأجسام بالحصول فيه ، ولو لم تشغله لكان خلاء.
وعند الحكماء : الحيّز والمكان مترادفان ، ويعبّر بهما عن السطح الباطن من الجسم الحاوي المماسّ للسطح الظاهر من الجسم المحويّ عند أرسطو (٢).
وقال أفلاطون (٣) : هو البعد الخالي عن المادّة (٤).
واعلم أنّ كلّ موجود اختصّ بآخر وسرى فيه بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما هي الإشارة إلى الآخر تحقيقا أو تقديرا ، ويكون مع ذلك ناعتا له ، يسمّى المختصّ حالّا والمختصّ به محلّا ، فذلك الحالّ يسمّى عرضا.
والإشارة الحسّيّة لها تفسيران :
أحدهما : أنّها امتداد موهوم أخذ من المشير ، منته بالمشار إليه.
وثانيهما : أن يقال للشيء : إنّه هنا أو هناك.
__________________
١ ـ الفصول النصيريّة : بمشار إليه.
٢ ـ أرسطاليس ، معناه محبّ الحكمة ويقال : الفاضل الكامل. ويقال : التامّ الفاضل. وهو أرسطاليس بن نيقوما خس بن ماخازن. كان أبوه متطبّبا لفليبس أبي الإسكندر ، وهو من تلاميذ أفلاطون وإنّه لمّا غاب أفلاطون كان أرسطاليس يخلفه تأثّرت بوادر التفكير العربيّ بتآليفه التي نقلها إلى العربيّة النقلة السريان ، وأهمّهم إسحاق بن حنين مؤسّس فلسفة المشّائين. من أهمّ كتبه : المقولات ، الجدل ، كتاب ما بعد الطبيعة ، السياسة. توفي وله ستّ وستّون سنة في آخر ايّام الاسكندر. الفهرست لابن النديم : ٣٠٧ ، الملل والنحل ٢ : ١٢٨ ، طبقات الأطبّاء والحكماء : ٨٤. تاريخ الحكماء : ٤٩.
٣ ـ أفلاطون بن أرسطو قليس. من مشاهير فلاسفة اليونان ، يتتلمذ لسقراط ولمّا اغتيل سقراط بالسمّ ومات قام مقامه وجلس على كرسيّه ، وتتلمذ له أرسطاليس أساس فلسفته نظرية الأفكار ، فالحقيقة ليست في الظواهر العابرة ولكن في الأفكار السابقة ، لوجود الكائن والتي هي مثال له. وقد شاع منه : المثل الأفلاطونيّ. من مؤلّفاته : الجمهوريّة ، السياسيّ ، المحاورات. مات سنة ٣٤٧ قبل الميلاد. الفهرست لابن النديم : ٣٠٦ ، الملل والنحل ٢ : ٩٤ ، طبقات الأطبّاء والحكماء : ٨١ ، تاريخ الحكماء : ٣١.
٤ ـ الحيّز عند المتكلّمين : فراغ يشغله الجسم بالحصول فيه. وقال أرسطو ـ من الحكماء ـ بأنّه السطح الباطن من الجسم الحاوي المماسّ للظاهر من المحويّ. وقال أفلاطون : إنّه البعد المجرّد عن المادّة يحلّ فيه الجسم ويلاقيه بجملته ويتّحد به. اللوامع الإلهيّة : ٥٠.