الواجب ، واللازم كالملزوم في البطلان.
بيان الملازمة أنّه يفتقر حينئذ في كونه موصوفا بتلك الصفة إلى وجود علّتها ، وفي كونه عاريا عنها إلى عدمها ، وهما مغايران له. وكلّ مفتقر إلى غيره ممكن ، فثبت الملازمة.
وأمّا بطلان اللازم فقد سبق.
قال : تبصرة ـ المفهوم من الاتّحاد صيرورة الاثنين واحدا (١) ، وهو محال عقلا فلا يتّحد الواجب بشيء (٢).
أقول : يريد بيان أنّه لا يتّحد بشيء من الموجودات. ونقل عن بعض متألّهة الحكماء وبعض صوفيّة الإسلام تجويزه ، وزعم النصارى أنّه قد ورد في الإنجيل دعوى المسيح الاتّحاد مع الله تعالى (٣). والذي يفهم من الاتّحاد هو صيرورة موجود واحد بعينه موجودا واحدا آخر بعينه من غير استحالة ولا تركيب ، حتّى يكون هناك شيء واحد هو هذا وهو ذاك بعينهما. وهو محال في بداهة العقل الصحيح عند تصوّره معنى الاتّحاد المذكور على ما ينبغي. وقد ننبّه على ذلك فنقول :
لو اتّحد الواجب بغيره لزم اجتماع النقيضين ، واللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة أنّهما لو اتّحدا لزم صيرورة الذات الواجبة بعينها الذات الممكنة بعينها ، فيلزم أن يصدق على هذا جميع ما يصدق على ذاك وبالعكس ، فيلزم كون كلّ منهما جائز العدم غير جائز العدم وهو جمع بين النقيضين ، فثبت المدّعى وهو امتناع الاتّحاد عليه
__________________
١ ـ الفصول النصيريّة : المفهوم من الاتّحاد صيرورة شيئين شيئا واحدا.
٢ ـ المفهوم الحقيقيّ من الاتّحاد هو انّ يصير شيء بعينه شيئا آخر. ومعنى قولنا : «بعينه» ، إنّه صار من غير أن يزول عنه شيء او ينضمّ إليه شيء شيئا آخر. وهذا المعنى الحقيقيّ على وجهين : أحدهما أن يكون هناك شيئان ، كزيد وعمرو مثلا ، فيتّحدان. ثانيهما : أن يكون هناك شيء واحد كزيد ، فيصير بعينه شخصا ، فيصير بعينه شخصا آخر غيره ، فهو تعالى لا يتّحد بشيء من الموجودات على كلا المعنيين. كشّاف اصطلاحات الفنون ٢ : ١٤٦٨.
٣ ـ إنّ وجوب الوجود يقتضي كونه تعالى ليس حالّا في غيره ، وخالف فيه بعض النصارى القائلين : بأنّه تعالى حالّ في المسيح عليهالسلام. وبعض الصوفيّة القائلين : بأنّه تعالى حالّ في بدن العارفين. وهذا لا شكّ في سخافته. كشف المراد : ٢٢٧ ، شرح تجريد العقائد للقوشجيّ : ٣٢٥.