طلوع الباشدور للفركاطة
فتلقى له الرئيس والكبراء والأعيان والنظراء ، وفئة من العسكر لابسة آلة حربها مصطفة بناحيتي شرقها وغربها ، والكل يشير بالترحيب ، والعسكر مشتغل بالتحريب ، لأن في ذلك قام مقام سلاحه ، عن إفصاحه بكلامه ، ثم نزل الرئيس إلى القامرة (١) التي هي بكل زخرف ومستلذ عامرة ، واتبعه بإشارته الباشدور وأمينه وكاتبه خائفا وجلا مما هو كاسبه ، ثم بين لكل واحد من القامرة فراشه ووطاءه ، فتبين ، وعين ما يحتاج إليه من الضروريات فظهر وتعين كل بما يناسب مرتبته ويلائم مقامه ومنزلته ، وللكل في ذلك غاية التوسعة ، ومسرة للقلب نابعة ، ولما استقر بنا المكان ، وكانت الساعة الحادية عشرة والنصف بإن من الزمان طلبنا من الله الأمن والأمان. استأذن الرئيس ، الباشدور ذا المقام النفيس ، هل يسرح الفركاطة / للسفر ولا زال معنا من أهل الوداع نفر ، فأذن له بالتسريح بإشارة أبلغ من التصريح ، وتلا بعد التعوذ والبسملة قوله جل علاه وقال : ﴿ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾(٢)﴿ وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ إلى يشركون (٣) وغير ذلك من الأدعية الواردة في ذلك ، المرغّب فيها عند المرور في تلك المسالك. ثم أخذت الفركاطة في السير (٤) كأنها باز خرج من قفاز ، قاصدة طريق البغاز (٥) ، والبحر
__________________
(١) كلمة إسبانية هي Camera اللغة القديمة ، ومنها الكلمة المغربيةCamara اليوم ، وهي الحجرة أو القاعة أو المكان الرفيع في المنزل ، والمغاربة يخصصون اللفظة للغرف الفاخرة في الباخرة.
(٢) سورة هود ، الآية ٤١.
(٣) سورة الأنعام ، الآية ٩١.
(٤) أذن وزير البحر قائد الفركاطةCassard بالإبحار نحو مرسيليا ، وأوصاه بالاهتمام بأعضاء السفارة المغربية والعناية بالخيل. ـ مرسيليا بتاريخ ٢٧ ماي سنة ١٨٧٦ م.
M. A. E. F) A. D (, CorresPondance Politique, Maroc, Volume 04, Folio 051.
(٥) أو البوغاز يكتب بالواو وهي كلمة تركية معناها في الأصل الحلق ، واستعيرت للمضيق أي مجرى الماء الضيق في البحر بين قطعتين من الأرض ، ويقصد به هنا مضيق جبل طارق بين المغرب وإسبانيا.