غاية في السكون والخمود والركون ، وكان الباشدور المذكور أمر الطباخين (١) بتهييء مؤنة السفر بما للجميع فيه تمام الكفاية ، كما اقتضت ذلك منه حسن الدراية ، فاشتروا جميع الضروريات وأتوا على جميع المقتضيات مراقبين ما عليهم من الإشراف ، متنكبين طريقي الأقتار والإسراف ، فأحسنوا القيام بتلك الكلفة ، مع مراعاة آداب المعاشرة والألفة ، جزاهم الله أحسن الجزاء ، وضاعف أجرهم يوم العرض والجزاء ، وتقبل عملهم وبلغءامالهم.
/ هذا الفصل سيقدم ويلحق بموضعه المناسب بحول الله.
رجع ، قد يقال إن من القوانين المشهورة والشروط المقررة المأثورة أن تخرج المدافع (٢) برا وبحرا عند ركوب الباشدور.
علة عدم خروج المدافع
فما بال هذا المقيد لم يعرج عليه ، ولا أومأ بشيء إليه ، قلت : لما طلعنا إلى الفركاطة وجدنا مدافعها عامرة ، وهي منصوبة في فرج البوردو (٣) بارزة ، والمكلفون بها يترقبون خروج المدافع ٢١ من البر ليجيبوهم على العادة. لكن كان أخبر الرئيس أنه حين طلعت خيل الهدية للفركاطة واستقر كل واحد منها بموضعه ، سمع بعضها حركة قوية حركت نفسه الأبية ، فتحرك بذلك حركة مرهبة حتى كاد يكسر الصندوق المحيط به ، وأنه إن أخرجت المدافع بالفركاطة لا شك في نفورها نفور ينشأ
__________________
(١) توجه رفقة السفارة مجموعة من الطباخين المغاربة المكلفين بمهمة شراء لوازم الأكل والشرب الطازجة ، والعمل على طهيها وتحضيرها لهم طيلة مدة الرحلة السفارية ، وهذا راجع بالدرجة الأولى إلى أسباب دينية وشرعية إذ يتولون بأنفسهم عملية ذبح الأكباش وغير ذلك. سورة الأنعام ، الآية ٢١ ﴿ وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ... ﴾ مما جعلهم في استقلالية تامة من ناحية الأكل والشرب عن ضيوفهم كما سأوضح ذلك فيما بعد.
(٢) انظر شرحه في الملحق رقم : ٤.
(٣) نفس الملحق : ٤.