رأينا بها جدرانا محيطة (١) بها أطول من القامة. وليس فيها شيء يؤذي. وبعض العراصي بأعلا جدرانها قطع الزاج متقارب بعضها من بعض ، بحيث لا يمكن لأحد الصعود إلى أعلا الجدار ، وانظر ما سبب ذلك ، لأننا كما ذكرنا رأينا / بعض العراصي زربها هو تلك النوار التي تقدم وصفها ، وبعضها لها جدار لا زاج فيه ، وبعضها مرصف بالزاج مع أن هذه العراصي في طريق واحد ، وحيث انتهينا إلى هذا المحل رجع بنا صاحبا الكدشين إلى أوطيل نزولنا على طريق أخرى ، فرأينا فيه أسواقا وحوانيت وطرقا كالطرق الموصوفة ، حتى انتهى بنا إلى محل النزول.
فابريكة صنع السكر القالب
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى (٢) المذكور أوتي إلينا بكدشين أيضا بقصد المسير إلى رؤية مكينة صنع السكر القالب ، فركبنا فيهما كل بمرتبته كما تقدم بعد صلاة العصر ، وسرنا في طريق آخر فوجدنا ، مثل الطريق المرصوف ، حتى انتهينا إلى دار تلك المكينة ، فرأينا بأسفلها العجب العجاب ، ما يتحير فيه الدهاة من أولى الألباب ، فما أكثر ما هناك من النواعير التي تدور واختلافها صغرا وكبرا على نسبها المقرر عندهم المشهور ، والنواعير السفلى بدورانها تدور نواعيرا أخرى ، / ٥٤ / في الطبقة فوقها والرباط بينهما شيء كالحزام ولعله من القنب ، محيط بحرف بعض الرحي السفلى ، وارتفع إلى الرحي العليا فالتوى بحرفها الأعلى كالحيط الذي على ناعورة الشراط الممتد منها إلى فلك مغزلها. وهناك آلات حديد متفاوتة في القدر والشكل. منها ما تراه يتحرك يمينا ويسارا ، ومنها ما يكون تحركه من الأعلى إلى
__________________
(١) في الأصل جدران محيط ـ خطأ ـ ويقصد تسييج الأراض الفلاحية عوض الأراض المفتوحة.
(٢) ٦ يونيو سنة ١٨٧٦ م.