/ ٦٨ / فليس من سمع كمن رأى ، فهي غرة العاجلة بلا نكير ، وبهذا نبأتك ولكن لست بخبير ، فإن كنت من الأعيان ، فانهض إليها فليس الخبر كالعيان ، وإن كنت من العاجزين فاقنع بما أتيتك وكن من الشاكرين. وقد سبق أننا ركبنا في تلك الأكداش ، وكان ذلك على يد المخزن ، فصرنا فيها في طريق على سمت واحد خمسا وثلاثين دقيقة مجانية (١).
وصف الدار المعينة للنزول
فوصلنا إلى الدار التي عينت لنزولنا وهي دار عظيمة أعظم بكثير من دار مرسيلية ، إذ طولها مائتان وخمس وعشرون خطوة ، وعرضها مائة وخمسة وسبعون ، وقد اختلفت أوضاع طبقاتها الخمس بحسب المقاصد ، ولم أجد سبيلا لحصر شكلها وضبطه ، إذ فيها سبعمائة صالة كما قيل ، وطرق الطبقات متشابهة ، وأشكال الأبواب متماثلة ، حتى إني ذهبت مع الأمين ذات يوم للصالة التي بها أصحابنا لتفقد حال أحدهم كان شاكيا ، فوجدنا أحدهم من خدامهم في الطريق التي بها صالتهم متحيرا ، يريد من يرشده إليها بعد ما كان خرج منها قريبا لوطر. وله هناك نحو ثلاثة أيام ، والعذر له ، لأنه / ٦٩ / لا يعرف الحساب ليهتدي بها إلى رقم محلهم. ونحن نزلنا في الطبقة الثانية في صالات متعددة ، وهي أفضل بكثير من صالات أو طيل مرسيلية ، إذ الموائد التي توضع عليها الأطعمة والأشربة مساحة سطحها مورق بالتذهيب مع الألوان ، وأرجلها مرصعة بالصفر المورق ، وكم فيها من ماريو على هذه الصفات ، ومرآتها أكبر كثيرا من تلك المرآت ، وبشواليها تذهيب وصدف ، وفيها أواني عمل التينة ، يجعل لها مقعد متصل بها تقف عليه من الصفر وبحرفها من الأعلى كذلك ، وغير ذلك من الأثاث والتحف والثريات مما يطول وصفه.
__________________
(١) انظر الملحق رقم : ٤.