الحمّامات
ووجدنا في الطبقة الثالثة حمامات متعددة في محل واحد ، منها ما فيه الماء البارد فقط ومنها ما فيه البارد والحار ، لكل واحد مجاري تخصه ، فأما الذي فيه البارد فقط ففيه صهريج صغير ، في طوله نحو ثلاثة أذرع ، وعرضه نحو ذراع ونصف وبسقف هذا الصهريج جعبة نازلة منه مسامتة لوسطه بحيث تكون فوق رأس الواقف فيه / ٧٠ / في وسطه ، وبرأس هذه الجعبة آنية على هيئة المكب الصغير ، وهي من بعض المعادن ، أضيقها متصل بالجعبة وأعرضها نازل إلى ناحية الصهريج. فإذا أخذت قنبة هناك بيدك وجذبتها إلى أسفل ينزل الماء في تلك الآنية فتلقاه ورقة ملصقة بمحيط الآنية ، وبها ثقب صغيرة ، فترى الماء ينزل منها كالمطر الغزير ، يقال إن ذلك يستعملونه لبعض المرضى ، والماء الذي ينزل في الصهريج ينصرف منه في مصرف الآخر ، وفي هذا المحل أيضا بويت صغير مستدير الشكل كهيئة البرميل الكبير ، أطول من قامة الإنسان بيسير ، وبداخله دوائر مجعوبة متصاعدة بعضها فوق بعض جلها ثقب ، فإذا جذب أيضا القنبة التي هناك ترى الماء يخرج من الثقب كلها ، كل جهة ترمي الماء إلى الجهة المقابلة لها ، وذلك من الأدوية عندهم كما قيل. وأما الذي فيه الماء الحار ففيه صهريج كالذي وصفته ، وفي أعلاه بزبوزان يجري لأحدهما الماء الحار وللآخر البارد فيوخذ منهما القدر المحتاج. / ٧١ / وهناك زيوف بيضاء وملابس كذلك إذا أحب الإنسان أن يلبسها أولا بعد الفراغ من الغسل فله ذلك بحيث ينزعها عند الخروج. فدع عنك الطمع ، وكن عاقلا وارفع همتك ، ولا تكن غافلا وخذ بحذرك ليلا يزدرى بقدرك ، وبهذا المحل حمامات عديدة كما سبق ، والسر فيه أنهم جعلوا لها في بيت واحد طنجيرا عظيما يجري منه الماء الحار إلى المواضع التي يحتاج إليه فيها. وفي هذه الحمامات سراجم كبيرة من زاج به طلاء ، بحيث يدخل الضوء مع وجوده إلى الحمام ويبقى الرجل به مستورا لا يرى ولا يرى ، وفي كل طبقة بيوت الخلاء ، كبيوت الخلاء التي بمرسيلية ، لكن بقربه متصلا به بيت آخر ، مستقل فيه الماء في بزبوز يوخذ منه القدر المحتاج. وكنا في مرسيلية في غاية الضيق من فقد الماء على هذه الحالة ، ووجدنا بقرب صالتنا قنوطا طويلا عريضا