عود المموه ، وفي كل باب نصف دائرة سطحها زاج ممسوك بالفتقيات كما ذكر ، وهذه التربيعات السبع التي كأنها أبواب تقابلها مثلها في الجهة الأخرى ، والغاربان / فيهما الزاج كما ذكر ، وبسقفه ثريات ثلاث. بالغاربين (١) مجانتان كبيرتان ، وفيه مائة شليه محيطه به مبطنة بالموبر الأحمر الرفيع منها نحو ثلاثين شلية كبيرة والباقي دونها ، وبوسطه مائدة كبيرة ممتدة مغطاة بالموبر محيط به ترييش حرير كبير من لونه ، وأربع موائد أصغر منها بالموبر أيضا ، كل اثنتين في طرف ، وبأرضه زربية على قدر طوله وعرضه ، وهو معد عندهم للأكل يأتي إليه التجار النازلون في صالات هذه الدار ، في وقت الفطور والغذاء. وفي الليل يكون معمورا ولا تسمع فيه كلاما ولا عتابا ولا ملاما ، وإنما ترى كل واحد جالسا على شليته يشرب الدخان وهو مشغول بكزيطته (٢). فما أعظم تولعهم بهذه الكزيطات! ولعلها عندهم من المفرحات المنشطات ، وإن كانت هذه من ذلك القبيل ، فصن نفسك عنها يا نبيل.
صائر هذه الدار وتحفها
وسئل عن قدر صائر هذه الدار التي بنيت به ، فقيل قدره ثمانية عشر مليونا من الإفرنك ، وفيها مليونان منه من التحف والأواني ، وتكرى بخمسة / عشر ألف
__________________
(١) مفردها الغارب وهو أعلى كل شيء ، جمعها غوراب (المنجد).
(٢) جمع كزيطةLa Gazetta أي الصحيفة أو الجريدة في العامية المغربية القديمة ، يقال أن بعض فقهاء المغرب الجامدين ألف في بداية القرن الرابع عشر الهجري ، كتابا سماه «الضرب بالزراويط على رأس من يقرأ الكوازيط». الأعلام ، ٣ : ١٨٣. غير أننا نجد في رحلة الصفار ما يوضح لنا وعي المغاربة بأهمية الصحيفة ، فبعد زيارته لدار إحدى الصحف الكبرى سجل لنا كيفية تكوينها وجمع أخبارها وطبعها وتوزيعها وطريقة الاشتراك فيها ، وموضوعات أبحاثها وفوائدها وعلاقاتها بالحكومة والشعب ، خاصة وأنها ظهرت بالشرق العربي منذ وقت مبكر. رحلة الصفار حققتها وترجمتها الباحثة الأمريكية Miller Susan Gilson جامعة كاليفورنيا سنة ١٩٩٢ م تحت عنوان «صدفة اللقا مع الجديد».