الثلاثاء (١) بعده وجه لنا ثلاث ورقات ، عين في كل ورقة منها اسم (٢) من يطلع منا لهذه الضيافة. منها ورقة للباشدور صاحب السر المذكور ، والورقتان الباقيتان للأمين والكاتب. فتوجهنا لداره ، وهي خارجة عن البلد بنحو ساعتين بسير خيلهم (٣) بالأكداش ، وكان عين لنا أن يكون وقت قدومنا عليه في الساعة السابعة ونصف قبل الغروب بأزيد من نصف ساعة. بحيث قربنا من الدار ، نزلنا وطلعنا لصالة وسرنا حتى وصلنا إلى دار كبير الدولة ، فتقدم صاحب السر المذكور ونحن في أثره ودخلنا إليها في وسط ملإ من العسكر والأعيان ، / ١٠٤ / فتلاقى به صاحب السر المذكور ، فرأينا به سرورا كبيرا ، وفرحا عظيما ظاهرا عليه وعلى خاصته. ثم سرنا نحو القبة التي فيها الغذاء (٤) فدخلناها فالتفت إلينا كبير الدولة ، وتكلم بلغته ، فقال لي رجل من عسكره كان بقربي (٥) : إنه يقول لكم مرحبا بكم ، وأنه وكلني بالجلوس معكم لأبين لكم الطعام الحلال عليكم من غيره ، ووجدته يحسن اللغة العربية ، فجلسنا على الشوالي المحيطة بمائدة الطعام ، فجلس صاحب السر المذكور عن
__________________
(١) ١٣ يونيو سنة ١٨٧٦ م.
(٢) توجه الدعوات إلى مآدب الغذاء أو العشاء الرسمية قبل موعدها بوقت كاف ، ويذكر في بطاقة الدعوة نوعها (عشاء ـ غذاء ـ شاي ـ ...) وساعتها وعنوان المكان ونوع الملابس المطلوب من المدعو ارتدائها (الدبلوماسية ـ البروتوكول الإتيكيت المجاملة ـ أحمد حلمي إبراهيم).
(٣) يخصص الكدش الأول لرئيس الوفد أو السفير ، ثم يليه الأمين ثم كاتب السفارة ، وأخيرا المخازنية ، وكذلك في حالة السير على الأقدام أو الدخول من الباب والصعود على السلم يتقدم الشخص الأول في السفارة للسلام على رب البيت الداعي (نفس المرجع : ١٤).
(٤) بعد ساعة تقريبا من المحادثات والترحيب والتعارف من الموعد الذي حدد في بطاقة الدعوة ، يقوم السيد بدعوة ضيوفه إلى الانتقال إلى غرفة الطعام بإشارة بسيطة إلى باب الغرفة مصطحبا ضيف الشرف ، يتوجه كل مدعو إلى مكانه الذي سيتأكد منه بوجود بطاقة صغيرة باسمه موضوعة في مكان ظاهر أمام أطباق الطعام. (نفس المرجع : ١٥).
(٥) يراعي عند توجيه الدعوات إلى المآدب أن يختار من يتوقع منهم الانسجام من حيث الثقافة واللغة والميول السياسية. (نفس المرجع : ١٥).