منفردين في محل ، وجلس صاحب السر على شيلية ، وبقي معه من يحسن العربية ، وجلسنا نحن قريبين منه ، وجلس معنا من يحسن لغتنا أيضا ، فأخبرنا أنه يحب العرب لأنه نشأ في بلادهم ، ومهما رأى رجلا من العرب ينشرح له صدره غاية ، وأنه تقدمت له الخدمة في العسكر في قسنطينة أربعة عشر عاما / ١٠٩ / مع أنه صغير السن يمكن أن يكون سنه نيفا وثلاثين سنة والله أعلم. وبقي المارشال أي كبير الدولة ، واقفا يتكلم مع كل واحد من الكبراء الذين كانوا على المائدة واحدا بعد واحد. ثم دخلت زوجته (١) وصارت تكلمهم أيضا كذلك مع طلاقة وجه وبشاشة ، ودخل بعدها نساء أخر إما أربع أو خمس ، وصرن يتكلمن مع البعض دون البعض وهن يتعجبن من زينا ولباسنا ، وكان من جملة ما تكلم به كبير الدولة بواسطة ترجمانه مع صاحب السر المذكور : أن هذه الضيافة جعلتها فرحا بقدومكم تعظيما لجانب سلطان المغرب ، سيدي الحسن نصره الله ، فأجابه بما يقتضيه المقام من حسن الكلام ، ثم انصرفنا إلى محلنا في الأكداش ، ووصلنا في الساعة الحادية عشرة ونصف من الليل ، وتذكرت ما كان تكلم معي به بعض من له صلة بهذه الدولة حين طالع الأبيات (٢).
الطلوع بالهدية لعظيم الدولة
وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الأولى المذكور (٣) ، طلعنا لحضرة كبير الدولة مع الخيل والهدية ، بعدما ركبنا في أكداس المخزن على العادة ، وجعل على تلك الخيل جلالاتها المرصعة بالذهب ، المصنوعة بحضرة فاس الطيبة الأنفاس
__________________
(١) وقد يستدعي سيد البيت السيدة قرينته للترحيب بالضيوف صحبة رفيقاتها ، ولتشكر كذلك على المائدة الأنيقة التي أشرفت على إعدادها ، ولتوديعهم والسماح للمدعوين بالانصراف. (نفس المرجع السابق).
(٢) بياض في صفحتين كاملتين / ١١٠ / و/ ١١١ / المخطوط.
(٣) ١٦ يونيو سنة ١٨٧٦ م.