وأخذ من هناك من كبراء الدولة / ١١٤ / ينقلون تلك التحف (١) ويضعونها على الشوالي كل عينة من تلك التحف في جهة منفردة ، فازدادت تلك القبة بها ضوء وإشراقا وسناء ، فعند ذلك دخل علينا كبير الدولة من باب مقابل للمحل الذي كان مقابلا للباشدور صاحب السر المذكور ، فتلاقينا وما قصر في إظهار الفرح والسرور والترحيب والبرور ، وجرى بينهما كلام فيما يناسب الحال والمقام ، ثم تقدم كبير الدولة إلى تلك التحف ، وصار يمعن النظر في كل حاجة منها بخصوصها ، فاستحسنها غاية الاستحسان ، ورآها من أجل ما تقربه عين الإنسان ، ثم خرج لباب القبة ، وكانت الخيل مجللة مصطفة عن يمين باب القبة بيد العساكرية فأخذوا يمرون بها واحدا بعد واحد ، وبعضها يصهل ، والبعض يجيب ، وكلها على ذلك الرونق الجميل والشكل الغريب. وحين تم مرورها ، وأمعن فيها النظر أميرها ، تكلم مع الترجمان بلغته / ١١٥ / فأخبر أنه شرّبها وأنها من غاية منائه وبغيته ، بكلام هذا مضمن تصريحه ، الكامن في تلويحه ، وعلى ذلك انفصل ذلك المجلس الذي عم نواله الصغير والكبير السالم عهوده بمن الله وفضله من التبديل والتغيير ، فحمدنا الله تعالى للاستراحة من عهدة هذا الكلفة ، ورجعنا إلى محل النزول والألفة.
جنان الوحوش
وفي يوم السبت الرابع والعشرين (٢) منه خرجنا لجنان الوحوش (٣) ، وهو بعيد عن
__________________
(١) قائمة ما يتوجه من التحف لكبير الدولة : ١٠ جلالة ، و٤ رسون ، و٢ سروج بإقامتها ، و٤ سفاري موبر ، و٦ سطارم موبر مطروزة ، و٦ كساوي حريرا ، و٦ رواحي ، و٦ موبر مطروزة وبابوجات ، و٣ زرد خان ، و٣ حزم جزيرية ، و٦ زرابي كبار عمل الرباط. ثم مجموعة ثانية من الهدايا للوزير الكبير ، ومجموعة ثالثة من الهدايا لوزير الأمور البرانية. (إتحاف أعلام ، ابن زيدان ، ٢ : ٢٩٦ و٢٩٧).
(٢) ١٧ يونيو سنة ١٨٧٦ م.
(٣) يقصد zoologique Bois de Vincennes ,Parc وهي حديقة عامة لتوطين الحيوانات من مختلف البيئات الجغرافية لغرض الفرجة أو الدراسة العلمية ، وتتميز بمساحات فسيحة من الخضرة وأحواض الزهور والبرك الصناعية ، وتقسم الحيوانات على أساس علمي بحسب رتبها وأنواعها وخصائصها ونوع البيئة الطبيعية لكل حيوان ما أمكن.
Grand EncycloPedie, N. 5. P. 327.